+A
A-

الفيلم الوثائقي Gaza .. الحياة اليومية لمواطني القطاع في دولة فلسطين

"غزة" أو "قطاع غزة" هي سمة منتظمة في نشرات الأخبار مع كل المآسي التي نعيشها معهم اليوم، لكنها دائما ما تكون جزءا من خلفية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي يبدو مستعصيا، ونادرا ما يذكر أن قطعة الأرض ذات الصلة يبلغ طولها 25 ميلا فقط وعرضها نحو خمسة أميال وتحد البحر الأبيض المتوسط أنها موطن لما يقرب من مليوني فلسطيني يعيشون بصعوبة، وجاء كل ذلك في فيلم أيرلندي وثائقي بعنوان Gaza عرض في عام 2019 للأيرلنديين غاري كين وأندرو ماكونيل لأول مرة في مهرجان صاندانس السينمائي، وهو يصور الحياة اليومية لمواطني قطاع غزة في دولة فلسطين، واختير الفيلم كممثل أيرلندا للتنافس على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية في حفل توزيع جوائز الأوسكار الثاني والتسعين، ولكنه لم يترشح!

في Gaza حاول غاري كين وأندرو ماكونيل الابتعاد عن السرد المعروف المعتاد من خلال النظر إلى غزة من وجهة نظر سكانها، والنتيجة هي فيلم وثائقي متقن يحاول تجنب السياسة من خلال جمع صور مباشرة، أو ما يسميه المخرجون "نسيج الشخصيات"، الصدق والصراحة والأمل، مع بعض الصعوبات والآلام بالطبع.

مهمة المبدعين واضحة في الفيلم: "الجلوس والسماح للناس بالتحدث، وبالنسبة لمعظم الفيلم، نشهد التفاصيل العادية الدنيوية في كثير من الأحيان للحياة اليومية في المستوطنة، ونمر عبر مشاهد سوق الشوارع النابضة بالحياة والأنشطة الشاطئية وقوارب الصيد وطاولات لعب الورق، ويمكن سماع ومغامرة الأطفال الصغار في الخلفية، لكن التوتر يلوح دائما في شكل حراس مسلحين أو التلويح بعلم حماس أو شعلة صاروخية بعيدة.

من المؤكد أن إنتاج الفيلم تضمن توترات، وكان صناع الفيلم كين وماكونيل يصوران في غزة عندما اندلع الصراع في 14 مايو 2018، والذي قتل فيه 60 متظاهرا.

يتراكم صناع الفيلم مقطعا عرضيا مثيرا للإعجاب من الحياة، حيث نلتقي سائق سيارة أجرة، ومصمم أزياء، ومخرج مسرحي، وحارس إنقاذ، وصبي يبلغ من العمر 14 عاما، وكلهم مختلفون إلى حد كبير ومع ذلك مقيدون بقسوة التاريخ.

يتحدث الناس بصراحة عن مصالحهم وأحلامهم، ويجسد كين وماكونيل الإحباطات الإنسانية التي يتحملها البلاهة السياسية، ويشعر الجميع بالاختناق؛ بسبب الديون والنقص والحرب، ولا يستطيع الخياط المحلي تشغيل آلات الخياطة الخاصة به إلا لمدة أربع ساعات في اليوم بسبب انقطاع الكهرباء، وتضطر خياطة إلى رفض دعوات خارجية لعرض أعمالها، في حين أن المقابلات تثير تعاطفا كبيرا، فإن "الشخصيات" هنا لا تريد أن تكون مجرد شخصيات بائسة. إنهم يريدون أن تساعد قصصهم في إحداث التغيير.

في الثلث الأخير من الفيلم، هناك منعطف حاد، ويتحول التركيز من شكل المقابلة الحميمة إلى لقطات أكثر عمومية ومزعزعة للصراع على الحدود، يتم نقل الضحايا إلى سيارات الإسعاف، أفراد الأسرة يبكون بين الحشود الفوضوية، ورجل يجلس على أنقاض ما يجب أن يكون منزله، هذه صور نمطية لما يحدث هناك في غزة، لكن من الصعب التوفيق بينها وبين المزاج الهادئ والملاحظ لصور المقابلات السابقة للفيلم.

ومع ذلك، فإن المهمة الرئيسة للفيلم لا تزال قائمة، حيث نعود إلى معاناة السكان وقوتهم وكرامتهم في مواجهة الاضطرابات، والسؤال الكبير "متى ستنتهي؟" تتساءل كارما، طالبة الحقوق التي تطمح للفوز بمنحة للدراسة في الخارج، ولا أحد يستطيع أن يعرف، ويظهر لنا أن الأمل وحده هو الذي يمكن أن يسمح لسكان غزة بالبقاء على حالة عدم اليقين!

ما يقدمه كين وماكونيل ملهم؛ لأنهما يظهران حاجة الروح البشرية لمحاولة العيش بكرامة، وتظهر القصة أيضا الضرر الناجم عن واقع حصر مثل هذا العدد الكبير من الناس في مثل هذه المساحة الصغيرة دون عمل قابل للحياة، إنهم لا يحاولون تقديم حلول للوضع الحالي، ويصفون فقط كيف يعيش الناس العاديون في هذا الشريط المحصور من الأرض بصعوبة بالغة.