+A
A-

كيف يساهم “القطاع العقاري” في تقديم حلول إسكانية تناسب المواطن؟

  • مشيمع: بيئة محفزة من التشريعات والأنظمة لاستثمار مستدام في المشروعات الحيوية
  • العمادي: القطاع العقاري يشكل جزءًا كبيرًا من أي محفظة استثمارية تدفع العجلة الاقتصادية
  • الأهلي: سرعة الحصول على التمويل لشراء المسكن من أهم التسهيلات الحكومية

بالعودة إلى شهر نوفمبر من العام الماضي 2022، فقد تم إطلاق خطة عمل بالتعاون بين وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، وبالشراكة مع القطاع الخاص لتنفيذ 19 ألف وحدة سكنية على مدى 10 سنوات بنظام المزايدات، وجاءت التقديرات بأن حجم الاستثمار في هذه الخطة قد يصل إلى مليار دينار بحريني، لا سيما وأن هذه الخطة تأتي في إطار برنامج تطوير الأراضي الحكومية من خلال برامج “تسهيل” و “مزايا” وتوسعة مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ المشروعات.


وفق ذلك، يرى خبراء عقاريون ورؤساء تنفيذيين لشركات عقارية أهمية التعاون بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي، لإنجاز حلول سريعة وجذرية تستوعب طلبات السكن خصوصًا بالنسبة للطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل، مع التأكيد على أن الحكومة تبذل قصارى جهودها لتوفير السكن المناسب لكل مواطن، إلا أنه في الوقت ذاته، لابد من تضافر جهود القطاعين لتحقيق النتائج وفق الرؤى المخطط لها، علاوة على ذلك، حيث إن القطاع العقاري يلعب دورًا مهمًا في نمو الاقتصاد الوطني، ويسهم بدرجة كبيرة في زيادة المستثمرين وحجم الاستثمارات في الدولة الذي يصب بدوره  في صالح كل القطاعات الأخرى.. فإلى أي مدى يساهم القطاع العقاري في تقديم حلول إسكانية تناسب المواطن البحريني؟


5 ركائز
من منطلق دوره المحوري في ترجمة الأهداف الرامية إلى توفير السكن الملائم للمواطنين بما يناسب قدراتهم المالية، يرى رئيس مجموعة غرناطة العقارية حسن مشيمع، أن هذه الركيزة تعني توفير حياة معيشية تلبي احتياجات شرائح مهمة في المجتمع البحريني، وهي الفئات المستهدفة التي تنطبق عليها الشروط والبرامج التمويلية التي أطلقتها الحكومة الموقرة ضمن المبادرة الوطنية لتنمية القطاع العقاري، وهي إحدى أهم ركائز رؤية البحرين الاقتصادية 2030 التي تتضمن مشاركة القطاع الخاص في النهضة العمرانية، حيث تستهدف الخطة الوطنية للقطاع العقاري في مملكة البحرين خمس ركائز رئيسية وهي الريادة في ابتكار الخدمات، توفير معلومات محدثة وموثوقة، الدعم والتمكين وتحفيز المطورين، تحقيق الاستدامة، وتعزيز الإفصاح والشفافية.


أطر تنظيمية
أما عن دور المطورين، على أساس تلك الركائز، ومشاركتهم في تنفيذ المشاريع الإسكانية، كما ينظر لها مشيمع فهو عبارة عن رسالة وطنية بالدرجة الأولى لتعزيز دور القطاع الخاص للمساهمة في إطلاق حلول إسكانية وخطة وطنية للقطاع العقاري ومساعيها في تطوير الأطر التنظيمية الحكومية والإجراءات والخدمات المعنية بالقطاع العقاري بشكل مستمر.


ويفصّل قائلًا: “يكون محورها جميع أصحاب المصلحة، بالإضافة إلى تحفيز جذب الاستثمارات لتطوير المشاريع العقارية المبتكرة، وتعزيز الكفاءة المهنية لممارسي المهن العقارية، وهذا يعني السعي للحفاظ على حقوق جميع أصحاب المصلحة في ظل بيئة محفزة من التشريعات والأنظمة وتبسيط الإجراءات وغيرها، لضمان قطاع عقاري متماسك وآمن وشفاف ومستدام يساعد على تنشيط الاستثمار، وضخ رؤوس الأموال في مثل هذه المشاريع الحيوية”.


وفق المعايير
وعن  التسهيلات التي يمكن من خلالها استقطاب المواطن والمقيم لشراء وحدة سكنية خصوصًا من ذوي الدخل المحدود، وهل الشركات تقدم تسهيلات مغرية وجاذبة؟ يقول مشيمع: “هذا الأمر مستند إلى رؤية وزارة الإسكان والتخطيط العمراني في توفير أفضل وأجود الخدمات الإسكانية الملائمة للمواطنين ذوي الدخل المحدود لضمان استقرارهم ضمن تحقيق سبل العيش الكريم”، أي أن تتوافر منتجات إسكانية متنوعة يكون لدى المواطن فيها حرية الاختيار لتلبي احتياجاته السكنية ضمن حلول تمويلية ملائمة من بنك الإسكان والبنوك المحلية المشاركة في برنامج تمويل السكن الاجتماعي، بدعم حكومي للدفع الميسر، فذلك أسهم بشكل فاعل في تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في المبادرة الوطنية لبناء مشاريع إسكانية مدعومة للمواطنين الذين تنطبق عليهم المعايير، وتمكنهم من شراء وحدات سكنية بصفة فورية من القطاع الخاص دون الحاجة إلى البقاء على قوائم انتظار المشاريع التي تقوم الوزارة ببنائها، وللمواطن حرية اختيار وحدته السكنية من حيث الموقع أو المساحة أو مكونات الوحدة”.


منتجات سكنية
وضمن هذه الضوابط، يقوم المطور بتسهيل حصول المواطن على رغباته السكنية خلال مدة زمنية قصيرة ويضمن  له الحصول على قيمة الوحدة من البنك المانح للقرض، وهذه الخطوة عززت انتعاش السوق العقاري وساهمت في تنظيم عملية البيع من المنتجات السكنية المعروضة التي تنطبق عليها الشروط والمعايير الإسكانية.


وتطرق مشيمع إلى أن الشركات المطورة تسعى وتتنافس على تقديم التسهيلات المجزية للمواطنين لبناء بيت العمر من خلال تجهيز المسكن بالمرافق المميزة والتصاميم الحديثة والخدمات الإضافية كالمطابخ المجهزة، وتركيب أجهزة التكييف وإكسسوارات دورات المياه وزراعة بعض المساحات وغيرها، وهي تحتسب ضمن حدود التمويل كعوامل ترغيب لتهيئة عقار جاهز للسكن المثالي.


قطاعات مختلفة
“بلا شك، يعتبر القطاع العقاري محركًا رئيسيًّا في الاقتصاد، بل ويشرك معه عدة قطاعات: البناء، التسويق والإعلام، وقطاعات مساندة فرعية كقطاع الأثاث والديكور وبالتأكيد، قطاع الاستشارات الهندسية”، ذلك ما أشار إليه الرئيس التنفيذي لديار المحرق، أحمد العمادي الذي أعاد التأكيد على أن القطاع العقاري يمثل جزءًا مهمًّا من أي محفظة استثمارية تساهم في دفع العجلة الاقتصادية، والحكومة تعطي أهمية كبيرة للقطاع العقاري، والدليل هو الخطة الوطنية الشاملة للقطاع العقاري.


والمطورون العقاريون كما يرى العمادي يحرصون في حال إطلاق أي مشروع عقاري، أن يكون متناسقًا مع الخطة المرسومة من قبل الحكومة، ومن أهم تلك العوامل، الحرص على تقديم العروض في الوقت المناسب وبالعرض المناسب حسب الطلب في السوق وبما يتوافق مع الخطة الوطنية.


وزاد بقوله: “إن مرونة التشريعات تقود القطاع العقاري نحو الاستقرار والنمو، ومن جهة أخرى تساهم بنسبة كبيرة في جذب المستثمرين ورؤوس الأموال داخل الدولة حيث يعتبر القطاع العقاري من القطاعات المهمة التي تمنح عوائد جيدة للمستثمرين في السوق، وتستحوذ على حصة كبيرة في النشاط الاقتصادي، حيث يسعى المستثمرون في هذا القطاع الحيوي إلى تحقيق الأرباح والعوائد الدائمة بأقل المخاطر”.


ووفق ما تطرق إليه العمادي، فإن المطورين في العادة يبحثون أولًا عن العرض والطلب ووضع السوق عند طرح مشاريعهم الجديدة، ويلزم هنا ضرورة التناسق بين الطلب والعرض وتحديد الفئة المستهدفة، ونسبة أرباح البنوك في حالة القروض المقدمة من البنوك، لهذا نقول إن نوعية الطلب هي التي تتحكم في المعروض، مما يوجب على المطورين أن يكونوا “ديناميكيين” حتى يصلوا إلى احتياج طالبي الخدمة.


قبل 10 أعوام
يختار رئيس لجنة العقار والتشييد عضو مجلس جمعية رجال الأعمال البحرينية، ناصر علي الأهلي، زاوية حديثه من أن المشروعات المخصصة لمشاريع الإسكان المختلفة من أهم روافد الاستثمار العقاري في مملكة البحرين، وخاصة في السنوات العشر الماضية حيث خصصت الدولة ميزانيات ضخمة للمشاريع الإسكانية، منها ما تقوم بها وزارة الإسكان،  ومنها ما يقوم به بنك الإسكان سواء ضمن مشاريعه الخاصة أو بالشراكة مع القطاع الخاص.


ويعتبر الأهلي توجيهات الحكومة الموقرة في الأعوام العشرة الماضية أنها تصب في مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص، ومشاركة هذا القطاع في تنفيذ برامج الحكومة في المشاريع الإسكانية، من خلال بناء حزمة كبيرة من البيوت والشقق المخصصة لبرنامج مزايا والبرامج الأخرى التي طرحتها الحكومة من خلال وزارة الإسكان وبنك الإسكان.


ولهذا، يقول الأهلي إن هذه التوجهات شجعت وساهمت في جذب العديد من رؤوس الأموال وتشجيع المستثمرين للعمل في بناء الوحدات السكنية في مختلف المحافظات، حيث بلغت نسبة مساهمة القطاع الخاص 60 ‎%‎  إلى 70 % في تنفيذ المشاريع الإسكانية، وبمبالغ تجاوزت 300 مليون دينار بحريني سنويًّا على وجه التقريب في المشاريع الإسكانية، ولا شك أن هذه المساهمات الكبيرة في المشاريع الإسكانية لم يكن لها أن تتحقق لولا الدعم الحكومي لميزانية الإسكان، الأمر الذي  شجع المستثمرين والمطورين المحليين للعمل في هذه المشروعات بثقة واطمئنان، علاوة على خلق العديد من الفرص لمختلف قطاعات المقاولات والمصارف والمكاتب الهندسية والعقارية وغيرها من قطاعات الأعمال المساندة للمستثمرين والمطورين العقاريين في تنفيذ مشروعاتهم لقطاع السكن للفئة المحدود والمتوسط دخلها.


التسهيلات الحكومية
وفي شأن التسهيلات المطلوبة لاستقطاب المواطن والمقيم للشراء أو الاستثمار في الوحدات السكنية، فوجهة نظر الأهلي، ومن خلال ممارسته وخبرته التي تجاوزت الـ 35 سنة، فإن الحكومة ساهمت بشكل كبير في حلحلة الطلبات الإسكانية على الرغم من قلة ومحدودية الأراضي، وصعوبة توفير السيولة المالية، إلا أن الحلول التي وضعت بغرض توفير المسكن الملائم للمواطنين سهلت على المواطن من خلال تقليص فترة الانتظار، وأيضًا سرعة الحصول على التمويل لشراء المسكن وهذا الأمر بطبيعة الحال يتمثل في التسهيلات الحكومية لشراء المسكن للمواطن، والنقطة المهمة هي تقليل فترات الانتظار مما شجع المواطنين على شراء الفلل والشقق حسب مناطقهم وقدرتهم المالية.


ارتفاع الفائدة
ومن منطلق مساهمة القطاع الخاص بالشراكة مع القطاع الخاص، يقترح الأهلي أن يتم تقديم المزيد من التسهيلات التمويلية وبخاصة بعد ارتفاع نسبة الفائدة على القروض في العامين الماضيين، وإذا نظرنا إليه على أنه تأثير عالمي مصدره أميركا وجراء ارتباط الدينار البحريني بالدولار الأميركي، إلا أن هذه النسبة أدت إلى زيادة الفوائد على القروض، مما قد يؤثر على الاستثمارات العقارية مستقبلًا، وأقترح أن تقدم الشركات الكبيرة والمطورين الكبار تسهيلات للمشترين تكون جذابة ومغرية، بهدف تقليل نسبة الفائدة على قروض البنوك ومنها على سبيل المثال: تأثيث الفلل أو التكفل برسوم التسجيل العقاري أو حتى التمويل المباشر من قبلهم، وعدم الاعتماد على التمويلات المصرفية بشكل رئيس، وهذا من الأمور التي تساعد على زيادة نمو القطاع العقاري، وتنفيذ المزيد من المشاريع العقارية التي تسهم في نمو الأعمال، وتسند الدولة في توسعة تنفيذ المشروعات الإسكانية.