+A
A-

"عبقرية الإخراج المسرحي.. المدارس والمناهج".. كتاب فيه متعة للقارئ والمختص

من أهم الكتب التي لا غنى عنها لأي محب وعاشق للمسرح، كتاب "عبقرية الإخراج المسرحي.. المدارس والمناهج" لأحمد زكي، فهو يعد بحق مرجعا ووثيقة تتناول مدارس ومناهج الاخراج المسرحي وعلاقتها بعضها ببعض، وآثارها ونتائجها على الحركة المسرحية المتطورة مع طرح نماذج أساسية لأشهر المخرجين والمبدعين منذ ظهور دور المخرج، كما انه متعة للقارئ والمختص، فهو بالنسبة للقارئ حصيلة من الوسائل والمعايير التي يؤدي بها الحدث الدرامي فتزيد متعته، وهو بالنسبة للمختص ذخيرة حية لأصول النظرية الاخراجية ومنابعها، وقوة دافعة له لسبر غور قضايا المسرح المتطورة، بحثا عن مفاهيم جديدة.

يقول المؤلف في مقدمة الكتاب:

الاخراج المسرحي، كتاب يجمع بين أفانين الابداع والاحتراف لرواد المسرح الحديث الذين يشكلون المدارس والمناهج السابقة واللاحقة في مجال المسرح. أما المدارس فيندرج تحت كل منها مجموعة من رواد المسرح واساليبهم المميزة جمعت بينهم سمات وخصائص كل مدرسة بدءا من ظهور المخرج ثم اختراع المناظر مرورا بالمدارس الواقعية وما تكشف عنه من نظريات واتجاهات.

ويتعرض الكتاب لمناهج الاخراج بكل ما تحتويه من اتجاهات و نظريات لنفس مجموعة رواد المخرجين، وأهم القضايا التي ما تبرح تظهر ثم تختفى.

وتبدو قضية العلاقة بين المؤلف والمخرج - وهى قضية شديدة الحساسية بالنسبة لكليهما - من أهم القضايا التي تشكل مناهج الاخراج على الساحة المسرحية ، ولعل من أهم النظريات تلك التي صارت مفاهيم يهتدى بها المخرجون نظريات " الدقة التاريخية " و " الجدار الرابع " و"الطريقة"، وما بعد "الطريقة"، و"العروسة" و"الاليات الحيوية"، و"مسرح القسوة"، و"اللعبة" و"الارتجال"، وغيرها من النظريات التي تعكس أهمية المسرح كأحد فنون العرض الحية التي لا غنى عنها لمستقبل البشرية.

في هذا الكتاب نحاول الكشف عن أسرار مهنة الإخراج، ما خفي منها وما ظهر . ولعلنا بذلك نزيح الستار عن مفاهيم أحاطها الغموض زمنا اذ نتناولها بالعرض والتحليل لأول مرة . وها هي ذي اليوم بين أيدينا واضحة جلية عسانا نسترشد بها اذا أردنا أن نفتح الطريق أمام أجيال جديدة من مبدعي المسرح ومريديه.

ان نظریات "ستانسلافسكي"، و"كريج"،  و "ماير خولد"  ، "وارتو" " وبريخت"  لا نقدمها للرجوع اليها فحسب ، فمن الواضح أنها لا تزال صحيحة وطيدة الأركان وتستخدم على نطاق واسع . وهذه النظريات لا تقتصر على طوائف معينة من المسرحيات ، ولا شك ان المخرج يمكن عادة أن يتوقع منه تطبيق تقنية ستانسلافسكي على مسرحية " الشقيقات الثلاثة" وتقنية بريخت على مسرحية " دائرة الطباشير القوقازية" ولكن ليس ثمة سبب ملزم بصفة مطلقة يفسر لماذا يجب عليه ان يفعل هذا.

ان التقنيات يختارها المخرج، اذ انه يدرك بلا شك امكانات فرقته التمثيلية ، والجدول الزمنى لإخراج عرضه المسرحي ، والأسلوب الذي يريد أن يحققه . والمسرح سوف يكون فنا ميتا حقا ، اذا اقتصرنا في بحثنا عن وسائل العمل مع الممثلين ، وفق تعاليم رجال ماتوا منذ سنوات عديدة . وقد دهش المسرحيون كيف استخدم " بروك " ، طريقه" آرتود" و تفوق عليه ، وكذلك فعل " جروتوفسكي " والمخرجون الذين ينتهجون الأسلوب الطبيعي اليوم يستخدمون تقنيات لم يفكر فيها ستانسلافسكي قط . لقد أصبح الطريق مفتوحا أمام نظريات جديدة لكل المبدعين في مجال التمثيل والاخراج وعلينا دائما أن ننظر بعين النقد في كل المواجهات الحديثة التى تمس تلك الظواهر فالمسرح الحى دائما وأبدا سيكون له البقاء لأنه مقرر الابداع المسرحي وكل ابداع.