+A
A-

ممثلة منظمة الصحة العالمية بالبحرين لـ"البلاد": تحديث خطة العمل الوطنية للأمن الصحي

إطلاق برنامج المدن الصحية في “الجنوبية” واختيار الرفاع من أهم العمليات التنموية

أكدت ممثلة منظمة الصحة العالمية في مملكة البحرين د. تسنيم عطاطرة أن البحرين قدمت حلولا مبتكرة أثناء جائحة كورونا، وعلى رأسها عيادات التطبيب عن بعد، مما أتاح للمرضى الوصول عن بُعد إلى خدمات الرعاية الصحية، وبالتالي المحافظة على استمرارية تقديم خدمات الرعاية الصحية مع تقليل أخطار انتقال الفيروس.
وأشارت عطاطرة خلال حديثها في الحلقة الثانية والأخيرة لـ “البلاد” بأن “البحرين حققت تقدماً كبيراً في مجال مكافحة انتشار الأمراض، منها التركيز على تحديد استراتيجيات فعّالة، واستخلاص الدروس المستفادة، وتعزيز آليات التحول الرقمي لتقديم خدمات صحية آمنة ومبتكرة، ومن أجل تحويل رؤية “الصحة للجميع” إلى واقع يعيشه الجميع.

 

 

برأيك، ما أهم الحلول المبتكرة التي حققتها مملكة البحرين في القطاع الطبي أخيراً؟
قدمت مملكة البحرين حلولا مبتكرة أثناء الجائحة مثل عيادات التطبيب عن بعد، مما أتاح للمرضى الوصول عن بُعد إلى خدمات الرعاية الصحية، وبالتالي المحافظة على استمرارية تقديم خدمات الرعاية الصحية مع تقليل أخطار انتقال الفيروس.
ومثلت منهجية جمع وتحليل البيانات لقياس مؤشرات عبء العمل لتحديد الاحتياجات من الموارد البشرية  (WISN) واحدة من أهم التجارب الناجحة الحديثة التي تم تطبيقها مؤخراً في مجال الرعاية الصحية الأولية تحت إشراف المجلس الأعلى للصحة ووزارة الصحة ومراكز الرعاية الصحية الأولية.
هذه المنهجية تم تطويرها من قبل منظمة الصحة العالمية وتهدف إلى تزويد مؤسسات الرعاية الصحية بأداة عملية وتشاركية لتحديد عدد الكوادر الصحية للتعامل مع عبء العمل الفعلي في مرفق صحي معين وتقييم ضغط عبء العمل على الكوادر الصحية في هذا المرفق.
ويقوم الفريق التقني في مملكة البحرين حاليا بجمع وتحليل البيانات من مراكز الرعاية الصحية الأولية لقياس مستوى عبء العمل على بعض الكوادر الصحية مقارنة بعدد المرضى.
وسوف يساهم تطبيق هذه المنهجية في مراكز الرعاية الصحية الأولية في مملكة البحرين في تعزيز قرارات إدارة الموارد البشرية، كقرار توزيع العاملين في القطاع الصحي بما يتناسب مع احتياجات المرضى والمهام الموكلة للكوادر في القطاع الصحي، وعلى أساس عبء العمل، هذا بالإضافة إلى القرارات الأخرى المتنوعة.
 كيف تنظرين للنظام الصحي البحريني من ناحية الاستجابة السريعة للطوارئ الصحية، وتعامل مملكة البحرين مع الأوبئة العابرة للحدود، كورونا على سبيل المثال؟
أثبتت مملكة البحرين نجاحها في السيطرة على انتشار فيروس كورونا من خلال جاهزية نظامها الصحي، والتعاون ما بين القطاعات، والاستجابة للطوارئ والأزمات الصحية ضمن النظام الصحي الشامل والمتكامل.
هذا إلى جانب إجراء الفحوصات المبكرة، وتوفير اللقاح المجاني للمواطنين والمقيمين، والحفاظ على استمرارية تقديم الخدمات الصحية الأساسية وتعزيزها؛ لضمان حياة صحية وتعزيز الرفاهية للجميع مما دلل على مدى جاهزية النظام الصحي للاستجابة السريعة للطوارئ الصحية.
ولقد عملنا مع مملكة البحرين على تعزيز الاستجابة للوباء من خلال المساهمة في بناء قاعدة الأدلة حول فيروس كورونا؛ لإرشاد عملية صنع القرار في إقليم شرق المتوسط وخارجه.
ويعتبر إطلاق تقرير دراسات الحالة والذي يوثق الاستجابة الاستراتيجية لمملكة البحرين لجائحة فيروس كورونا من أهم الإنجازات.
ويعتبر هذا التقرير الأول من نوعه في الإقليم ويعرض قصص النجاح وأفضل الممارسات لتوجيه جهود التأهب لحالات الطوارئ والاستجابة لها وتحفيز تبني نهج مبتكرة لتعزيز مرونة النظم الصحية؛ من أجل التغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي.
كما أننا تعاونا أيضًا مع وزارة الصحة في تنظيم ورشة تمارين محاكاة أحداث الطوارئ الصحية العامة؛ بهدف تعزيز استعداد واستجابة مملكة البحرين لمختلف حالات الطوارئ المتعلقة بالصحة العامة من خلال تقييم إجراءات وأنظمة التأهب والاستجابة لجميع المخاطر.
يذكر أن مملكة البحرين هي أول دولة في إقليم شرق المتوسط تستضيف هذه الورشة، وقد تضمنت تدريبا عمليا للعاملين بمختلف القطاعات باستخدام الإرشادات والأدوات العملية لمنظمة الصحة العالمية؛ لتصميم وتنفيذ وتقييم محاكاة أحداث طوارئ الصحة العامة ولرفع مستوى الوعي بشأن اللوائح الصحية الدولية في مملكة البحرين.
كما أطلقت مملكة البحرين الجولة الثانية من التقييم الخارجي المشترك للوائح الصحة الدولية بتعاون مع منظمة الصحة العالمية، والذي تم تدشينه من خلال ورشة العمل والتي تضمنت عددا كبيرا من المشاركين من مختلف القطاعات في المملكة، بما في ذلك وزارة الصحة، وسلامة الغذاء، وصحة الحيوان، والصحة البيئية، ونقاط الدخول والعبور، وقطاعات الأمن المختلفة.
وقد تم إطلاق الجولة الثانية من التقييم الخارجي المشترك للوائح الصحة الدولية؛ بهدف إعادة تقييم قدرات الدولة على الوقاية والاكتشاف المبكر والاستجابة السريعة للمخاطر الصحية العامة، سواءً كانت طبيعية أو ناتجة عن أحداث متعمدة أو عرضية.  
وبناء على نتائج الجولة الثانية من التقييم الخارجي المشترك للوائح الصحة الدولية سوف يتم تحديث خطة العمل الوطنية للأمن الصحي؛ من أجل تعزيز القدرات الوطنية للتأهب لحالات الطوارئ، ولجميع أنواع المخاطر، وتحقيق هدف المليارات الثلاث لمنظمة الصحية العالمية المتمثل بحماية مليار شخص آخر من الطوارئ الصحية على نحو أفضل.
 تعمل مملكة البحرين في مجال مكافحة انتشار الأمراض، وتحرص على أن يكون هذا المجال من ضمن إنجازاتها المستمرة في سجلها الطبي، ما رأيك في الشوط الذي قطعته مملكة البحرين في هذا المجال؟
نعتقد أن مملكة البحرين حققت تقدماً كبيراً في مجال مكافحة انتشار الأمراض، فبعد تجربتها في التصدي لجائحة فيروس كورونا، تم التركيز على تحديد استراتيجيات فعّالة، واستخلاص الدروس المستفادة، وتعزيز آليات التحول الرقمي؛ لتقديم خدمات صحية آمنة ومبتكرة، ومن أجل تحويل رؤية “الصحة للجميع” إلى واقع يعيشه الجميع.
وبالإضافة إلى نجاح تجربة البحرين في التصدي لجائحة كورونا، هنالك نجاحات أخرى لابد أيضا أن تذكر في مجال القضاء على الحصبة، والحصبة الألمانية في إقليم شرق المتوسط.
وقد عملت لجنة التحقق الوطنية من خلال وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية بشكل وثيق؛ من أجل الحفاظ على حالة التحقق من القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية في البحرين. كما دعمت منظمة الصحة العالمية تعزيز قدرات النظام الصحي؛ لمنع الحصبة والتحضير والتعامل مع تفشيها من خلال مشاركة الموارد والتقنية والإرشادات ذات الصلة مع وزارة الصحة.
يذكر أن مملكة البحرين قامت بالعمل على الحفاظ على الإنجازات في القضاء على شلل الأطفال من خلال توفير بنية تحتية مطلوبة، وتعزيز القدرات والاستعداد والاستجابة وفقًا لذلك.
 كيف ترين سعي المحافظة الجنوبية لاعتماد منطقة الرفاع مدينة صحية؟ وما أثر ذلك في تعزيز التعاون ما بين الجهات المختلفة لخدمة الأهالي وتحسين نمط حياتهم من الناحية الصحية؟
في البداية، نحن ننظر بإكبار لسعي مملكة البحرين الدؤوب في تعزيز الحياة الصحية والاهتمام ببرنامج المدن الصحية، وهنا أرغب في أن أشير إلى أنه في شهر سبتمبر الماضي وقع مكتب منظمة الصحة العالمية في مملكة البحرين خطاب تعاون مع محافظ الجنوبية سمو الشيخ خليفة بن علي بن خليفة آل خليفة؛ لتدشين الإجراءات المتعلقة بالحملة الخاصة بالتحضر والصحة في اعتماد مدينة “الرفاع” مدينة صحية.
ويعد هذا الخطاب كخطوة أولى في العمل بشكل مباشر بالمعايير والاشتراطات الواجب توافرها في برنامج المدن الصحية بالتعاون والتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، ووزارة الصحة، والمحافظة وذلك نحو نيل مدينة “الرفاع” لقب مدينة صحية.
إن فكرة إطلاق برنامج المدن الصحية في المحافظة الجنوبية وبالذات اختيار مدينة “الرفاع” من أهم العمليات التنموية التي تلبي احتياجات المواطنين والمقيمين. ولحصول مدينة “الرفاع” على لقب المدينة الصحية يستوجب عليها أن تُكمل كافة الإجراءات المطلوبة لذلك، وهذا الأمر سوف ينعكس بشكل إيجابي على خدمة الأهالي وأنماطهم الصحية. ونتطلع إلى استمرار توسُّع مبادرة المدن الصحية في جميع أنحاء مملكة البحرين.
ولقد تعهدت محافظات العاصمة والشمالية والجنوبية في البحرين مؤخرًا بتوسيع نطاق تنفيذ برنامج المدن الصحية بما يتجاوز المدن الفردية ليشمل محافظاتها بأكملها.
يذكر أنه تم اعتماد أربع مدن لتكون مدنا صحية، ففي عام ٢٠١٨ تمكنت مدينة “أم الحصم” من الحصول على لقب “أول مدينة صحية” في البحرين، وفي عام ٢٠٢١ حصلت العاصمة “المنامة” على لقب “أول عاصمة صحية في إقليم شرق المتوسط”، وقد تبعتها مدن أخرى مثل “عالي” و”البسيتين – الساية” في عام ٢٠٢٢.
ولقد امتدت المدن الصحية لتشمل الجامعات الصحية في مملكة البحرين وأبدعت المملكة في برنامج الجامعات الصحية، حيث تمكنت خمس جامعات من الحصول على لقب “الجامعة الصحية” في وقت واحد في يناير عام ٢٠٢٣.