+A
A-

هل ستنهار منظومة المسرح أمام هيمنة وقوة الفضائيات والسينما

لم أعد أكتب للمسرح، لأنه باختصار "لا يؤكل عيش"... هذا ما قاله لي أحد كتابنا خلال أيام مهرجان البحرين المسرحي، بل وأصرّ على أن منظومة المسرح ستنهار تماماً أمام هيمنة وسلطة وقوة الفضائيات والسينما وعزوف الناس عن الخشبة، فهناك شبه زهد عن المسرح بالكلمة الموجزة.

المهمة التقليدية للمسرح هي بحث درامي إنساني شامل للكشف عن العالم والإنسان وتعميق التفاعل بين الجمهور وبين بنى فكرية معينة، وهذه المهمة التقليدية بدأت تقوم بها وسائل تعبير فنية أخرى، وربما حققت نجاحاً أكثر بسبب امتلاكها لوسائل غنية، كالفضائيات وحتى منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وإذا أخذنا بعين الاعتبار كون المسرح أحد الأشكال الفنية بل أهمها الذي يرتبط تطوره بواقع المجتمع ومستواه الثقافي والاقتصادي والتاريخي، فلابد من ربط تقييم الواقع الراهن للحركة المسرحية بواقع المجتمع وتطوره.

والمسرح من أهم الأشكال الفنية الذي تسعى الأمم المتقدمة إلى الاهتمام به والعناية بخلقه على أساس علمي ومدروس، وذلك لكونه يشتمل على أكثر من لون فني، فالمسرح أو الحركة المسرحية كاصطلاح تشتمل على روافد فنية كثيرة منها: الممثل، المخرج، الملحن، مصمم الديكور والسينوغرافيا، مصمم الملابس، الماكياج ...إلخ. وفي مقدمة هذه الروافد الفنية يقف الكاتب، وعلى الطرف الآخر يقف الجمهور الذي يقول كلمته ويحدد موقفه من العمل بنعم أو لا.

وعلى هذا الأساس، فإن تقييم الواقع الراهن للحركة المسرحية لابد وأن يأخذ بعين الاعتبار كل الروافد الفنية المذكورة وحقيقة وجود أو اختفاء بعضها من واقع الحركة المسرحية ككل، لأن العمل المسرحي يعتبر في النتيجة عملاً جماعياً، وتكامله في النتيجة يرتبط بمستوى العطاء والتكامل لكل رافد من روافد العمل المسرحي، إذ ما فائدة النص الجيد إذا ترافق مع أداء ممثل سيئ؟ وما جدوى عطاء الممثل الفذ إذا وضع بين يدي مخرج غير متمكن ؟ وما الذي يحققه مخرج كبير بذل كل ما لديه ليقدم عمله إلى جمهور لا يتمتع بالقدرة على تذوق ما يقدم؟ القضية قضية تكامل، وتجانس، وتوقيت، ومعرفة ثاقبة لطبيعة الأرض التي يقف عليها رواد الحركة المسرحية في مجتمعنا.

هل ما قاله كاتبنا صحيح أم أنه هروب من المسؤولية وتصريح فاشل مرفوض؟