العدد 5524
الأربعاء 29 نوفمبر 2023
banner
الهدنة والاعتراف الدولي بفلسطين
الأربعاء 29 نوفمبر 2023

سيظل السابع من أكتوبر 2023، في ذاكرة التاريخ، لما سطره أهل غزة من ملحمة بطولية باسلة لإيقاظ الضمير العالمي تجاه قضيتهم التي استمرت 75 عاما دون حل، وظل الاحتلال الإسرائيلي مسيطرا على القدس وكل الأراضي الفلسطينية.
ليكون "طوفان الأقصى" الحراك الرئيسي للمقاومة الفلسطينية من غزة لطرد المحتل الصهيوني، واستعادة أرضه وكرامته بكل قوة من خلال قوة صغيرة لا تتعدى خمسة آلاف جندي، رغم الحصار المفروض عليهم لسنوات، واليوم يفرضون رأيهم في وقف الحرب والهدنة وتبادل الأسرى، ويكذبون كل الأكاذيب والمبررات التي كانت تتحدث عن حقوق الإنسان والعدالة والحرية وغيرها.
واليوم لا تستطيع أية دولة في العالم أن تستمر في موقفها مع إسرائيل، فقد تغيرت الصورة والمواقف، بعد المجازر والإبادة وقتل الأطفال والنساء وضرب المستشفيات والمدارس في جرائم ضد الإنسانية وحرب إبادة، قلبت الأوضاع لصالح أصحاب الحق، مؤكدة أن موقف الغزاويين الفلسطينيين أسهم في تغيير قواعد اللعبة الدولية، وأيضا شركاء إسرائيل الذين هدد البعض منهم بطرد السفراء ومنع الأسلحة عنها إذا لم يتم وقف العدوان الظالم. لقد نجح رجال المقاومة في إجبار الأعداء على القبول بشروط المجاهدين ـ بعد حرب 50 يوما ـ بهدنة لتبادل الأسرى، وبالتالي فإن الأوضاع الدولية وتفاعل الشعوب في كل الأقطار مع ما يحدث في غزة من حرب وقتل، فرصة سانحة للتحرك العربي والإسلامي والعالم للاعتراف بالدولة الفلسطينية وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم على أرضهم وعاصمتها القدس.
فهذه الحرب، عرّت الكثير من الدول، والكثير من المنظمات والقانون الدولي، وكشفت للعالم صورة أميركا وحلفائها، وأكدت أن هناك خفايا لهذه الحرب وأهدافها تفوق التهجير فقط أو احتلال غزة، فالوضع لا يقبل التأويل أو التحليل، فسقوط غزة بداية الانتشار والتوسع والسيطرة على أراضي وثروات دول أخرى. 
والهدنة التي بدأت يوم الجمعة ولمدة أربعة أيام، هي مؤقتة ولالتقاط الأنفاس، وإعادة ترتيب الأوراق باتفاق الأطراف، ولتبادل السجناء والرهائن، 50 إسرائيلياً مقابل 150 فلسطينيا، ولإدخال المساعدات والإغاثة لأهل غزة التي تحولت أرضهم إلى كلتة من الركام والدمار والخراب.
فشكرا لقطر ومصر وسطاء الهدنة، وشكرا لكل الدول العربية والإسلامية والأجنبية التي قامت بإرسال المعونات الضرورية العاجلة الغذائية والمواد الأساسية ونأمل دخول المواد الصحية والغاز والوقود والمياه.
لذا يجب لهذه الحرب الإسرائيلية أن تتوقف بأية طريقة كانت، وأن يحال المجرمون للمحكمة الدولية ويطبق ميثاق روما، والقبول بالحل السياسي الذي تقوم به حاليا اللجنة العربية الإسلامية المشكلة من القمة العربية الإسلامية، خصوصا أن المواقف السياسية الغربية تحديدا تغيرت نوعا ما عن السابق. 
فالأهداف الصهيونية انكشفت نتيجة صمود المقاومة الباسلة، فلن تتغير خارطة الشرق الأوسط كما رسمها "نتانياهو" ولن يتم تهجير سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن، والفرصة اليوم مواتية أن نكتب التاريخ بالاعتراف بالدولة الفلسطينية من خلال استغلال خروج الشعوب كجماعات مليونية في مظاهرات شملت معظم دول العالم ضد حكامهم والمطالبة بوقف الحرب نهائيا.
فطوفان الأقصى حرّك الضمير العالمي، وحان الوقت الآن لتسريع عجلة السلام وفق المبادرة السعودية – العربية، وقطع الطريق على من يسعى لخلق وضع جديد للشرق الأوسط والاستيلاء على ثرواته الطبيعية.. والله من وراء القصد.

كاتب عماني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .