+A
A-

يوميات سارتر في الحرب العالمية الثانية

صدر كتاب "دفاتر الحرب الغريبة" للفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر (ترجمه إلى العربية عبد الوهاب ملوح) برغم ضياع عدد من هذه الدفاتر خلال فترة الحرب، أو سنة 1961 خلال انتقاله من بيت إلى آخر، أثناء عمليتي هدم بيته، واللتين نفذتهما منظمة سرية مسلحة.

كتب سارتر هذه الدفاتر ما بين سبتمبر 1939 ويونيو 1940 ونشر خمسة منها فقط عام 1983، غير أنه في يونيو سنة 1991 ظهر الدفتر الأول من جديد، واتضح أنه ضمن مجموعة، يمتلكها أحد جامعي الكتب النادرة.

يميط هذا الدفتر وغيره اللثام عن الحالة الذهنية لسارتر، لحظة انطلاقه في الأيام الأولى للحرب العالمية الثانية، ويكشف عن طبيعة الأسئلة الحيوية التي دفعته إلى كتابتها، بالإضافة إلى أنه يشير إلى الأدوار المتعددة - سنرى أنها متناقضة أحياناً – التي خص بها دفاتره هذه، ويبرز الطريقة التي بها تشابكت، شيئاً فشيئاً، حياته الشخصية بالفلسفية

في 2 من سبتمبر 1939 يحاول المجند سارتر، وسط القطار الذي يجمعه مع غرباء، نحو جهة معلومة، استعراض الموقف الذي من المفروض أن يواجهه، من دون أن يحمل في ذهنه سوى مرجعية واحدة، لكنها مدمرة، إنها الحرب العظمى المرعبة، التي واجه فيها أخوته الكبار، نفس الأعداء قبل 25 سنة، كيف يجب أن أتصرف؟ هل سأبقى على قيد الحياة؟ ربما ليضمن قبل كل شيء إجابة مشرفة عن السؤال الأول، شرع سارتر في كتابة "يوميات الحرب" وبالنسبة إلى السؤال الثاني فهو لا يستدعي إجابة، أليست الكتابة في حد ذاتها إجابة؟.

كان سارتر يخوض الحرب ضمن قوات الاحتياط، واختار سلاحه بتوصية، كان عمره 34 سنة، يقول: "كانت الحرب تعكس إرادتنا العميقة في عدم خوض القتال، بما أن هتلر مدرك لمشاعرنا، لن يهاجم كي يترك هذه الحرب تتعفن، وهذا يعني أنني كنت أرى نفسي في هذه الحرب، التي بدورها تنعكس فيّ، كانت النتيجة أن أكتب في البدء عن الحرب، وفي النهاية وجدتني أكتب عن نفسي، وهكذا تحولت الحرب بالنسبة إليّ بمثابة خلوة.

كانت الحرب مفاجئة بالنسبة لسارتر وكان قد نشر "الغثيان" و"الجدار" وكذلك بعض الكتابات الفلسفية: التخيل، ونظرة إجمالية لنظرية الانفعالات، كان يمثل بالنسبة إلى الناشرين "كاتب المستقبل الشاب" وكان قد شرع في كتابة سلسلة روائية، ظل يشتغل فيها على المجلد الأول، خلال فترة التعبئة، كان يفور بمشاريع أدبية وفلسفية