+A
A-

رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لـ “البلاد”: دعم البلدان النامية بتوفير الموارد والتكنولوجيا لتعزيز قدراتها في التنمية المستدامة

  • تطوير‭ ‬نظم‭ ‬الإنذار‭ ‬المبكر‭ ‬والتأهب‭ ‬للكوارث‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬الأفراد‭ ‬والممتلكات

  • المنظمة‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬خدماتها‭ ‬بسبب‭ ‬النمو‭ ‬السكاني‭ ‬العالمي

  • لابد‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لتحليل‭ ‬الكميات‭ ‬الهائلة‭ ‬من‭ ‬البيانات‭ ‬الجوية‭ ‬

  • “الأرصاد‭ ‬الجوية”‭ ‬تتجه‭ ‬نحو‭ ‬التكامل‭ ‬الأكثر‭ ‬عمقا‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬المتقدمة‭ ‬وتوفير‭ ‬البيانات‭ ‬

  • ‭ ‬تعزيز‭ ‬الوعي‭ ‬العام‭ ‬بأهمية‭ ‬الأرصاد‭ ‬الجوية‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الناس

مع مرور الوقت، ومع تزايد تأثير التغيرات المناخية على حياة البشر والبيئة، يظل الاهتمام بمجال الأرصاد الجوية أمرًا ذا أهمية بالغة. وفي هذا السياق، أجرت صحيفة “البلاد” حوارًا خاصًّا مع د. عبدالله المندوس، الشخصية الرائدة ورئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية. وأسهم هذا الحوار في إلقاء الضوء على التحديات والابتكارات التي تواجهها الأرصاد الجوية في الوقت الحالي.
وتناول الحوار مجموعة واسعة من المواضيع المتعلقة بتنبؤات الطقس، وأثر التغيرات المناخية على مختلف مناطق العالم، كما استعرض المندوس التحديات التي تواجه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في تقديم معلومات دقيقة وفعالة لحماية الحياة البشرية والبيئة.
 

يعكس حوار المندوس مع “البلاد” رؤيته الفريدة والاستراتيجية لتعزيز التعاون الدولي في مجال الأرصاد الجوية، ودعم البحث العلمي لفهم أفضل للتغيرات الجوية، كما تناول الحوار التقنيات الحديثة والابتكارات التي يمكن أن تسهم في تحسين دقة التنبؤات وتعزيز الاستعداد للظروف الجوية الطارئة.
وتعكس هذه المقابلة التزام د. عبدالله المندوس بضرورة تعزيز التواصل بين مختلف الجهات المعنية، سواء أكانت حكومية أم غير حكومية، للتصدي لتحديات الطقس والمناخ، وتعد الأفكار والرؤى التي قدمها في هذه المقابلة إضافة قيمة للنقاش العام بشأن كيفية تحسين تنبؤات الطقس وتكنولوجيا الأرصاد الجوية لتحقيق مستقبل أكثر أمانًا واستدامة. 
إليكم نص الحوار: 

من وجهة نظرك، ما التحديات الرئيسة التي تواجه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في الوقت الحالي؟

أعتقد أن التحديات الرئيسة التي تواجه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تتمثل في التغيرات المناخية المتسارعة وتأثيراتها المتنوعة على أنماط الطقس حول العالم، وهذا يتطلب جهودًا متزايدة لتحسين نماذج التنبؤ بالطقس وتقديم بيانات دقيقة وموثوقة للدول الأعضاء. 
كما أن هناك حاجة ماسة لتعزيز التعاون الدولي في مجال تبادل المعلومات والبحث العلمي المتعلق بالأرصاد الجوية، لاسيما في مواجهة الأحداث الجوية القصوى كالعواصف والفيضانات. وإضافة إلى ذلك، يجب أن نعمل على دعم البلدان النامية وتوفير الموارد والتكنولوجيا اللازمة لتعزيز قدراتها في مجال الأرصاد الجوية، مع التركيز على الحلول المستدامة والشاملة لضمان مرونة أفضل في مواجهة التغيرات المناخية.
وإضافة إلى تلك التحديات، تواجه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تحديات أخرى، مثل زيادة في تكرار وشدة الكوارث الجوية كالأعاصير والفيضانات والجفاف، وهذه التحديات تتطلب تطوير نظم الإنذار المبكر والتأهب للكوارث للحفاظ على سلامة الأفراد والممتلكات.
كما تتعامل المنظمة مع زيادة في الطلب على خدمات الأرصاد الجوية بسبب النمو السكاني العالمي، ما يجعل من الضروري توسيع البنية التحتية وزيادة القدرة على تلبية هذا الطلب المتزايد. وإضافة إلى ذلك، يجب على المنظمة العمل على تطوير تقنيات وأساليب متقدمة للتنبؤ بالأحوال الجوية وتحليل البيانات الكبيرة وتطبيق التكنولوجيا الحديثة؛ لضمان تقديم خدمات أرصاد جوية دقيقة وفعالة في الوقت الحالي والمستقبل.

ما الأهداف الرئيسة التي تتطلع لتحقيقها خلال فترة رئاستك للمنظمة؟
أتطلع إلى تحقيق أهداف رئيسة عدة:
أولًا: تعزيز القدرات العالمية في مراقبة الطقس والمناخ وتطوير نماذج تنبؤ أكثر دقة وشمولية.
ثانيًا: العمل على تحسين التعاون الدولي وتبادل المعلومات والخبرات بين الدول الأعضاء، مع التركيز على تطوير مبادرات تعليمية وتدريبية لتعزيز الكفاءات المهنية في مجال الأرصاد الجوية.
ثالثًا: سأسعى إلى توسيع الدعم والمساعدة التقنية للبلدان النامية لتمكينها من مواجهة التحديات المتعلقة بالتغيرات المناخية والكوارث الطبيعية.
رابعًا: من الأهمية بمكان تعزيز دور المنظمة في مبادرات الاستدامة العالمية والعمل نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خصوصا تلك المتعلقة بالتغيرات المناخية والحد من مخاطر الكوارث، لاسيما مبادرة الإنذار المبكر للجميع التي أطلقها أنطونيو جوتيريز الأمين العام للأمم المتحدة.
خامسًا: سأعمل أيضًا على تعزيز مفهوم الاستدامة والوعي بأهمية الأرصاد الجوية في مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية. وسأسعى لتعزيز التعليم والتوعية بين الشباب والجمهور عموما بشأن دور الأرصاد الجوية في الحفاظ على البيئة والتخفيف من تأثير التغير المناخي.
سادسًا: سأعمل على تعزيز التنسيق بين المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومنظمات وهيئات دولية أخرى ذات صلة لضمان تكامل الجهود في مجال توفير المعلومات الجوية والمساهمة في الجهود العالمية لمواجهة التحديات البيئية والمناخية.
سابعًا: باختصار، سأعمل بكل تفانٍ على تعزيز الأرصاد الجوية كعنصر أساس في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والحفاظ على سلامة البشر والبيئة على مستوى العالم.

كيف يمكن تعزيز التعاون الدولي لتحسين فعالية الأرصاد الجوية على مستوى العالم؟

يتم ذلك عن طريق تعزيز التعاون الدولي في مجال الأرصاد الجوية يمكن أن يتم عبر طرق عدة: 
أولًا: من المهم تطوير وتبادل المعلومات والبيانات الجوية بين الدول الأعضاء بشكل فعّال وشفاف، وهذا يتضمن تحسين شبكات المراقبة العالمية وتبادل البيانات في الوقت الفعلي لتعزيز القدرة على التنبؤ بالطقس والمناخ.
ثانيًا: يمكن تحقيق تقدم كبير عبر التعاون في البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، عن طريق الجمع بين الموارد والخبرات، إذ يمكن للدول تطوير تقنيات وأساليب أكثر تقدمًا للتنبؤ بالأحوال الجوية وتحليل التغيرات المناخية.
ثالثًا: يجب تعزيز برامج التدريب وبناء القدرات، خصوصا في البلدان النامية، عبر توفير التدريب والمعرفة اللازمة، يمكن لهذه البلدان تحسين قدرتها على استخدام وتطبيق التقنيات الحديثة في الأرصاد الجوية. 
أخيرًا: يجب على المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لعب دور رئيس في تسهيل هذا التعاون، سواء بتنظيم المؤتمرات والندوات أو عبر دعم المشروعات المشتركة بين الدول الأعضاء. من الضروري أيضًا العمل بشكل وثيق مع المنظمات الدولية الأخرى لتحقيق تكامل أفضل في الجهود العالمية.

كيف يمكن استغلال التكنولوجيا لتحسين قدرات التنبؤ بالأحوال الجوية والتصدي للتحديات المستقبلية؟

يمكن استغلال التكنولوجيا بطرق عدة لتحسين قدرات التنبؤ بالأحوال الجوية والتصدي للتحديات المستقبلية. ولابد من استخدام الذكاء الاصطناعي وتعلم آلياته في تحليل الكميات الهائلة من البيانات الجوية، ما يساعد في تحسين دقة التنبؤات، هذه الأنظمة تستطيع التعرف على الأنماط المعقدة وتقديم توقعات أكثر دقة للطقس والمناخ. 
ومن الممكن أيضًا استخدام الأقمار الصناعية المتطورة والطائرات من دون طيار لجمع بيانات دقيقة ومفصّلة عن الغلاف الجوي والتغيرات البيئية، هذا يساهم في تحسين الرصد الجوي والمراقبة المستمرة للظواهر الطبيعية مثل العواصف والأعاصير.
وإضافة إلى تطوير شبكات استشعار متطورة على الأرض لتوفير معلومات فورية ودقيقة حول الظروف الجوية المحلية. هذه الشبكات، بالتزامن مع البيانات المقبلة من الأقمار الصناعية، توفر نظرة شاملة عن الأحوال الجوية على مستوى كل منطقة، فضلًا عن إمكان تطوير أنظمة تحذير مبكر تستخدم التكنولوجيا لتنبيه السكان والسلطات عند اقتراب الكوارث الطبيعية، وهذا يساعد في تقليل الأضرار وإنقاذ الأرواح. 


وأخيرًا، من المهم أن نتبنى منهجية مستمرة للابتكار والتطوير في مجال التكنولوجيا المرتبطة بالأرصاد الجوية.
ويجب أن نستثمر في البحث والتطوير لضمان مواكبة أحدث التطورات التكنولوجية التي يمكن أن تساعدنا في التنبؤ بالأحوال الجوية بشكل أفضل والتصدي للتحديات المناخية المستقبلية.

كيف ترى مستقبل الأرصاد الجوية على المستوى العالمي، وما الدور الذي تطمح المنظمة أن تلعبه؟

أرى أن مستقبل الأرصاد الجوية على المستوى العالمي يتجه نحو التكامل الأكثر عمقًا للتكنولوجيا المتقدمة والبيانات المتوافرة. فمع تطور التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، سنكون قادرين على تحقيق تنبؤات أدق وأكثر تفصيلًا بالأحوال الجوية والتغيرات المناخية، هذا لا يعزز فقط قدرتنا على التنبؤ بالكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والفيضانات، بل يساعد أيضًا في التخطيط طويل المدى لمواجهة تأثيرات التغير المناخي.
بالنسبة لدور المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أطمح إلى أن تصبح المنظمة محورًا رئيسًا للابتكار والتعاون الدولي في مجال الأرصاد الجوية. 
وينبغي أن تعمل المنظمة على تشجيع ودعم البحث العلمي، وتطوير القدرات، وتبادل البيانات والمعرفة على نطاق واسع. كما يجب أن تكون الجهة الرائدة في توجيه السياسات والمعايير العالمية المتعلقة بالأرصاد الجوية، مع التركيز على تعزيز مرونة المجتمعات والاقتصادات في مواجهة التحديات المناخية.
في النهاية، يجب أن تكون المنظمة محفّزًا للتحول نحو نظام عالمي للأرصاد الجوية يكون أكثر استدامة، شمولية، ومرونة، لضمان أمن ورفاهية الأجيال القادمة، علاوةً على ذلك، يجب أن تلتزم المنظمة بالتعاون الوثيق مع القطاعات الأخرى مثل البيئة والصحة والزراعة والنقل، حيث يتعارض التغير المناخي مع جوانب متعددة من حياة البشر. 
وستعمل المنظمة على توجيه الجهود المشتركة للوصول إلى حلول شاملة ومتكاملة تعالج تحديات الأرصاد الجوية بشكل شامل. 
وستسعى المنظمة إلى تعزيز الوعي العام بأهمية الأرصاد الجوية والمناخ وتأثيراتها على حياة الناس. ستعمل على تشجيع التعليم والتوعية للجمهور والشباب حول مفهوم التغير المناخي والاستجابة له. باختصار، المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تسعى إلى أن تكون القوة الدافعة للابتكار والتعاون العالمي في مجال الأرصاد الجوية والمناخ للمساهمة في بناء عالم أكثر استدامة وآمنًا للأجيال الحالية والمستقبلية.

كونك أول عربي خليجي يحمل هذه المسؤولية ما شعورك حول ذلك، وما رسالتك للشباب العربي ليحذو حذوك؟

أشعر بفخر كبير وشعور عميق بالمسؤولية، إنها فرصة ليس فقط لتمثيل منطقتي ولكن أيضًا لإظهار القدرات والإمكانات التي يمتلكها الإنسان العربي في المجالات العلمية والتقنية، هذا الإنجاز ليس لي وحدي، بل هو انتصار لكل شاب وشابة يسعون لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم.
رسالتي للشباب العربي هي: لا تقللوا أبدًا من قيمة أحلامكم وطموحاتكم، العالم في حاجة ماسة إلى عقولكم المبدعة وشغفكم لتحقيق التغيير الإيجابي.
التزموا بالتعليم والبحث واستثمروا في تطوير مهاراتكم وقدراتكم. لا تخافوا من مواجهة التحديات، فكل تحدٍّ يمر به الإنسان يصقل شخصيته ويعزّز معرفته.


كما أود أن أشدّد على أهمية الفضول العلمي والتفكير النقدي، كونوا مستعدين دائمًا لاستكشاف مجالات جديدة وتبني منهجيات مبتكرة.
والأهم من ذلك كله، تذكّروا أن نجاحكم يمكن أن يكون مصدر إلهام للآخرين حولكم، ويسهم في رفع مستوى مجتمعاتكم والعالم أجمع. لذا، استمروا في السعي نحو أهدافكم بشجاعة وثبات، وكونوا دائمًا فخورين بأصولكم وثقافتكم الغنية، فأنتم جيل المستقبل الذي سيقود التغيير في عالمنا.