+A
A-

ما تأثير الحرب على قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي؟

يواصل الاقتصاد الإسرائيلي تكبد المزيد من الخسائر مع دخول الحرب في غزة شهرها الرابع.. وفي القلب من ذلك قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي الذي أصبح محركا رئيسيا للاقتصاد والذي تضرر بشدة منذ تصاعد الأحداث عقب السابع من أكتوبر الماضي.

شركة التكنولوجيا الإسرائيلية UBQ Materials كانت من بين الشركات التي اضطرت إلى إغلاق مصنعها، الذي يقع على بعد 20 ميلاً من حدود غزة، وهو ما ترك العاملين بالشركة في حالة صدمة.

ورغم أن هذه الشركة عادت للعمل بعد 3 أسابيع من اندلاع الحرب، لكن عديداً من الشركات الأخرى تواجه مشاكل مستمرة في العمليات والتمويل، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، أفاد بأنه:

تم تعليق عديد من طلبات العملاء أو إلغاؤها على الفور، وكان المستثمرون يشعرون بالتردد، وفقًا لمسح أجرته هيئة الابتكار الإسرائيلية، وهي وكالة تمولها الحكومة، ومعهد سياسات الأمة الناشئة.
وقالت هيئة الابتكار الإسرائيلية إن قطاع التكنولوجيا في إسرائيل نما بسرعة على مدى العقد الماضي، ويمثل ما يقرب من نصف إجمالي الصادرات وخُمس الناتج الاقتصادي.

ونتيجة لذلك، قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إن:

الحرب ستتسبب في "تباطؤ مؤقت ولكن واضح" في الاقتصاد الإسرائيلي.
كان نمو الاقتصاد نحو ثلاثة بالمئة قبل السابع من أكتوبر، ومن المتوقع الآن أن يتباطأ إلى 1.5 بالمئة هذا العام.
يؤثر على الاقتصاد نقص العمالة، وانخفاض ثقة المستهلكين والشركات، وارتفاع التضخم.

الاستثمار الأجنبي

وبحسب الخبير الاقتصادي السابق في وزارة المالية الإسرائيلية، جوناثان كاتز، فإن مصدر القلق الآخر هو الاستثمار الأجنبي، الذي كان ضعيفًا بالفعل قبل 7 أكتوبر بسبب عدم اليقين الناجم عن النزاع بين حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية والمحكمة العليا الإسرائيلية.

وأضاف كاتز: "السؤال الآن هو ما إذا كان الأجانب سيظلون يرغبون في الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلية، أو ما إذا كانوا يفضلون استثمار أموالهم في مكان آمن وهادئ، مثل أيرلندا".

ويشير المحلل والخبير الاقتصادي، أبو بكر الديب، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى التضرر الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي جراء الحرب، موضحاً أن التقديرات تشير إلى أن الخسائر بلغت 100 مليار دولار تكبدتها إسرائيل.

ويوضح أن التكلفة باهظة على كاهل الاقتصاد الإسرائيلي المتأزم، لا سيما في ظل زيادة الإنفاق الحكومي بشكل كبير وتحرك بنك إسرائيل لإنقاذ الشيكل من خلال ضخ نحو 11.5 مليار دولار لوقف النزيف، مشيراً في الوقت نفسه إلى تضرر القطاعات الرئيسية في إسرائيل، ومن بينها القطاع التكنولوجي الذي تصل نسبة مساهمته في الاقتصاد إلى نحو 18 بالمئة من الناتج المحلي و30 بالمئة من عائدات الضرائب، علاوة أن صادرات القطاع نفسه تشكل ما نسبته حوالي 51 بالمئة من إجمالي الصادرات الإسرائيلية بقيمة 85 مليار دولار.

ومع هذه الأضرار البالغة التي يتكبدها اقتصاد إسرائيل، فإنه يُتوقع أن ينكمش الاقتصاد هناك بأكثر من 1 بالمئة خلال العام الجاري.

لتحفيز الاقتصاد المتعثر، خفض بنك إسرائيل أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، إلى 4.5%، الأسبوع الماضي.
كان هذا أول خفض لأسعار الفائدة منذ بداية جائحة كوفيد.
وقال محافظ بنك إسرائيل إنه من المتوقع إجراء تخفيضات إضافية، مشيراً إلى أن الاقتصاد يتأقلم بالفعل مع ظروف الحرب ويظهر علامات الانتعاش، لكن تداعيات الأحداث التي طال أمدها ستكون كبيرة.

الإنفاق الحكومي

كما شدد بشكل خاص على أهمية الاستقرار والحاجة إلى كبح جماح الإنفاق الحكومي المتزايد، والذي يتوقع البنك المركزي أن يسهم في زيادة الدين العام وارتفاع العجز. وأفاد بأنه "من الواضح لنا جميعاً أن حالة عدم اليقين الاقتصادي الحالية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالوضع الأمني وكيف ستتطور الحرب".

اتخذت إسرائيل عدة خطوات للحد من حالة عدم اليقين، بما في ذلك تثبيت سعر الشيكل الإسرائيلي.
تخطط الحكومة الإسرائيلية كذلك لزيادة عدد العمال الأجانب المسموح لهم بدخول البلاد إلى 70 ألفاً بدلاً من 50 ألفاً، لمعالجة النقص المفاجئ في العمالة.
يشار إلى أنه مُنع أكثر من 100 ألف فلسطيني من الضفة الغربية من العمل في إسرائيل.
وفي الأسابيع الأخيرة، بدأ الجيش الإسرائيلي أيضاً بسحب عدة آلاف من قواته من قطاع غزة، على الأقل مؤقتاً، ويرجع ذلك جزئياً إلى الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذا النشر الضخم لجنود الاحتياط، وفق تقرير نيويورك تايمز.

ومع ذلك، أصدر محافظ بنك إسرائيل تحذيرًا شديد اللهجة في الأول من يناير لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو بشأن الأولويات المالية في وقت يجب فيه توجيه المزيد من الإنفاق إلى الدفاع والأمن والاحتياجات المحلية الملحة، مثل جعل المجتمعات القريبة من حدود غزة ولبنان صالحة للسكن بعد الحرب.

وقال "إن عدم التحرك الآن لتعديل الميزانية من خلال تخفيض النفقات، وإلغاء الوزارات الزائدة عن الحاجة وزيادة الإيرادات في ضوء احتياجات الحرب، من المرجح أن يكلف الاقتصاد الكثير في المستقبل".


أصداء الحرب

وتعد الحرب في غزة، وهي واحدة من أطول الحروب التي شنتها إسرائيل على الإطلاق، ويتردد صداها بالفعل في مختلف أنحاء الاقتصاد.

تباطأ قطاع البناء، الذي يمثل 14 بالمئة من الاقتصاد الإسرائيلي، بسبب نقص العمالة. وعلى الرغم من مشاركة المتطوعين، فإن رحيل العمال الأجانب وفقدان العمالة الفلسطينية يعني أن الفواكه والخضروات تركت متعفنة على الأشجار وفي الحقول.

بالإضافة إلى ذلك، هناك نقص في بعض الواردات لأن الهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن أدت إلى تعطيل النقل عبر مضيق باب المندب.

كما قال مسؤولون حكوميون إن السياحة تراجعت على الفور في 8 أكتوبر، بينما كانت تتعافى بعد جائحة كوفيد.

وفيما يخص التكنولوجيا:

تمتلك هيئة الابتكار الإسرائيلية 100 مليون دولار من الأموال الحكومية لدعم شركات التكنولوجيا، وخاصة الشركات الناشئة التي فقدت التمويل.
تشجع القطاع بإعلان الشهر الماضي أن شركة إنتل العملاقة لأشباه الموصلات ستمضي قدما في استثمار مخطط له بقيمة 25 مليار دولار لتوسيع مصنع للرقائق في جنوب إسرائيل، بعد حصولها على منحة بقيمة 3.2 مليار دولار من الحكومة.
قال درور بن، المدير العام لهيئة الابتكار: "يدرك جميع رواد الأعمال لدينا أنه بغض النظر عن مدى دعم عملائنا في الخارج لنا وتعاطفهم معنا، إذا لم نتمكن من الوفاء بالتزاماتنا، فعليهم المضي قدمًا".
وبعد وقت قصير من اندلاع الحرب، بدأت المنظمة حملة ترويجية جديدة لتعزيز الثقة في شركات التكنولوجيا الإسرائيلية، على الرغم من الحرب. الشعار: “التكنولوجيا الإسرائيلية تقدم. بغض النظر."