تمثل المقالات الثلاثة التي يشتمل عليها هذا الكتاب تقديما موجزا لأعمال جورجيو أغامين الأخيرة من خلال دراسته المفهوم الجهاز عند فوكو، والتأمل في الارتباط الحميمي القائم بين الفلسفة والصداقة، والتفكير في المعاصرة، أو العلاقة الأنطولوجية التي يمكن أن تربط الفرد بزمنه. في الآن نفسه، يشكل "الجهاز (dispositif)" إحدى المفاهيم الأكثر انتشارا وغموضا في فكر فوكو اللاحق، وإذا كان جيل دولوز يعمق غموض هذا المفهوم في نص يحمل نفس العنوان ("ما الجهاز؟") فمقال جورجيو أغامين يوضحه أكثر حين يقول: "حرفيا، سأسمي الجهاز أي شيء له القدرة بطريقة ما على الضبط، والتوجيه والتقرير والاعتراض والنمذجة والسيطرة وتأمين تصرفات وسلوكيات وأراء أو خطابات الكائنات الحية"، ومن هذا المنطلق يمكن وصف عمل أغامين، على غرار عمل فوكو، على أنه يهتم بتحديد والبحث في الأجهزة، بالإضافة إلى محاولاته المستمرة لإيجاد طرائق جديدة لتفكيك هذه الأجهزة، وبالرغم من أن الفلسفة تتضمن مفهوم "Philos" أو الصديق في اصطلاحها، فإن الفلاسفة يميلون في الغالب إلى التشكيك في الصداقة. يحاول أغامين في مقاله الثاني إزالة هذا الشك وذلك بسعيه لإثبات أن الأمر يتعلق بنفس التجربة في عمق الصداقة والفلسفة معا، وأيضا في صميم العملية السياسية، والتي تتمثل في تجربة الإحساس المشترك بالوجود. متخذا من السؤال الآتي "ماذا يعني أن تكون معاصرا ؟" منطلقا أساسيا، ثم يبدأ أغامين مقاله الثالث بقراءة لفلسفة نيتشه وشعر ماندلستام، وينتقل من هذين المصدرين الفكريين إلى استكشاف مجالات متنوعة، مثل: الموضة، والفيزيولوجيا العصبية، والمسيحية، والفيزياء الفلكية، وهو من ترجمة الحبيب الواعي .