العدد 5597
السبت 10 فبراير 2024
banner
حماية الطفل في الفضاء الإلكتروني: مسؤولية من؟
السبت 10 فبراير 2024

يتحسر صديق لي على خطوة الزواج، يندم اليوم بعد عقد من إقدامه على الخطوة التي لا فكاك ولا نجاة منها.
منبع حسرته وندمه يزيد عما كان لدى آبائه وأجداده وصولا لقابيل وهابيل، حين ارتكاب الجريمة الأولى للبشرية، عندما قدم الأخوان قربانا، تمهيدا للزواج في ظل الندرة، وحينما تحققت - لاحقا - الوفرة، ظل الأزواج يندمون في معاناة.
لصديقي سبب إضافي للحسرة والندم، هم أولئك الأطفال الذين جاء بهم لعالم بائس موتور متطور منفلت، ثم فقد الأب السيطرة عليهم نتاج التطورات التقنية المتسارعة.
يقول صديقي إن أباه لم يعانِ في توجيهه وإرشاده مثلما يعاني هو اليوم مع أطفاله، وقد أخذهم ذلك الجهاز الساحر العجيب الصغير المتنقل في أرجاء الدنيا بضغطة زر: الهاتف المحمول، وقد صار أبا وأما وأخا وصديقا لابنه، فيما لا يملك الآباء له دفعا.
صرنا عاجزين عن نزعه من أيدي أطفالنا، أو دفعهم لرفع أعينهم عنه.
حماية الطفل في الفضاء الإلكتروني، باتت القضية التي تشغل بال كل أسرة، وكانت أحد محاور مباحثات جرت مؤخرا في المنامة بين وفد أمني مصري رفيع المستوى برئاسة وزير الداخلية المصري، وبين نظيره البحريني، حرصًا مشتركًا من كلا الجانبين على توفير حماية كاملة للطفل في الفضاء الإلكتروني، حيث تم استعراض السبل الكفيلة بكيفية ضبط الفضاء الإلكتروني لحماية الأطفال من الأفكار غير السوية.
من نافلة القول إن الفضاء الإلكتروني بات يُشكل ساحة غنية بالمعلومات والمعرفة، لكنه في الوقت نفسه ينطوي على مخاطر جمة للأطفال، مثل التنمر الإلكتروني، والتحرش، والمحتوى غير اللائق، بالإضافة إلى خطر التعرض للاستغلال من قبل المجرمين.
ولا يمكن لأي دولة بمفردها أن تُواجه هذه المخاطر بفعالية، مما يجعل التعاون الدولي ضرورة ملحة، ما يجعل المباحثات بين مصر والبحرين خطوة إيجابية في هذا الاتجاه، حيث تُؤسس لتعاون مشترك في مجال حماية الطفل في الفضاء الإلكتروني.
لا تقتصر مسؤولية حماية الطفل على الحكومات فقط، بل إن للأسرة والمجتمع دورًا مهمًا في هذا المجال، فعلى الوالدين مراقبة نشاطات أطفالهم على الإنترنت وتوجيههم نحو الاستخدام الآمن والمثمر للفضاء الإلكتروني، كما يجب على المؤسسات التعليمية والمجتمعية نشر الوعي حول مخاطر الإنترنت وطرق الوقاية منها.
ولا بد في هذا الصدد من جملة من الإجراءات تتلخص في:
تكثيف التعاون الدولي في مجال حماية الطفل في الفضاء الإلكتروني.
تبادل الخبرات والتجارب بين الدول في هذا المجال.
إطلاق حملات توعوية تستهدف الأطفال والآباء حول مخاطر الإنترنت وطرق الاستخدام الآمن.
تطوير برامج تعليمية تُدرج في المناهج الدراسية لتوعية الطلاب بمخاطر الإنترنت وطرق الوقاية منها.
سن القوانين والتشريعات التي تُجرم الاستغلال الإلكتروني للأطفال.
إن حماية الطفل في الفضاء الإلكتروني مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر الجهود من قبل جميع الأطراف المعنية، من حكومات ومؤسسات دولية وأسر ومجتمع، وتُعد المباحثات بين مصر والبحرين نموذجا يُحتذى به في مجال التعاون الدولي لحماية أطفالنا من مخاطر الفضاء الإلكتروني. ‎

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .