+A
A-

للقراءة: كتاب "لغة النقد الحديث في العراق" (من المقالية إلى النسقية)

بعد أن قطع النقد الأدبي شوطا طويلا في مساءلة النصوص الإبداعية ومحاورتها راح يلتفت إلى نفسه ويسألها ويعيد مفاهيمه ويخطلها حينا وحينا يطورها، حق أصبح في مرحلة من مراحله يتحدث مع نفسه أكثر من حديثه مع الشعر أو السرد، وبهذا للفصل الزمني ظهر ما يعرف بـ (نقد النقد ) وشغل هذا التوجه العديد من النقاد الذين اشتغلوا بالنقد ومفاهيمه ومناهجه ولفته ، حق اختمرت شكاوى الشعراء والأدباء وعلت صيحاتهم من تجاهل النقاد المنجزهم وانشغالهم ببيت النقد وأثاثه وتفاصيله، فضلاً عن ان هذا الأمر في عموم النقد الأدبي عالياً وعربياً، ولم يكن النقد الأدبي في العراق بعيدا عن هذه التحولات - وإن كان بنحو أقل - لذلك التفتت الدراسات الاكاديمية بشكل واضح إلى النقد الأدبي في العراق فتابعت

مناهجه النقدية ومفاهيمه وخطابه بشكل عام. بدأت بمحاضرات الدكتور جميل سعيد نظرات في التيارات الأدبية الحديثة في العراق ) ١٩٥٤ م، ومحاضرات الدكتور أحمد مطلوب النقد الأدبي في العراق ( ١٩٦٨م، ولم تنته بدراسة الدكتور صالح زامل مناهج النقد الأدبي في العراق ) من (۱۹۸۰) - ٢٠٠٥م) ، وما بينها ثمان دراسات اكاديمية اهتمت بالنقد ومناهجه، فضلاً عن الدراسات غير الاكاديمية التي انشغلت بالنقد مدارات نقدية لفاضل ثامر ومئة عام من الفكر النقدي " لسعيد الغانمي، و "نقد الشعر في العراق بين التأثرية والمنهجية لعناد غزوان، و رفائيل بطي وريادة النقد" لحاتم الصكر، ونهاد التكرلي" رائد النقد الأدبي الحديث في العراق السامي مهدي ... الخ كل هذه الكتب وغيرها اهتمت بالنقد وشؤونه، ومنها: لمناهج، للمفاهيم والريادة ورؤية النقد للمنجز الإبداعي في العراق، ولكن بقي مفصل مهم من مفاصل النقد الأدبي لم يدرس بشكل واضح في العراق، يرجع ذلك إلى أن الدرس النقدي عالياً وعربياً التفت إليه مؤخراً وهذا للفصل هو "اللغة النقدية" التي تمثل الواجهة الأساسية للخطاب النقدي وتكون بتماس مباشر مع المتلقي، لذلك اتهمت اللغة النقدية بالغموض والإنفلات والمصطلحية، بشكل عام، دون العناية بتحليل تلك اللغة وتصنيف أساليب النقاد منهجياً وذاتياً، لهذا جاء موضوع هذا الكتاب لغة النقد الحديث في العراق - مقاربات في نقد النقد " وهي تهتم بالمعجم النقدي للناقد العراقي كما تهتم بتطورات لفته ومدى تميزه للعجمي

والإصطلاحي، على الرغم من تشابك المناهج النقدية ومعجماتها، الكاتب من تآليف عارف الساعدي.