+A
A-

الكلمة السامية في القمة العربية الدورة 28 في الأردن (قمة البحر الميت) - 29 مارس 2017

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين،

صاحب الجلالة الأخ العزيز الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، رئيس القمة العربية،

الأخوة أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والمعالي،

معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية،

الحضور الكرام،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

يطيب لنا بداية أن نتوجّه بالشكر والتقدير للأخ العزيز جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وللشعب الأردني الشقيق، على استضافة أعمال القمة العربية التي تأتي لمناقشة قضايا بالغة الأهمية تستدعي منا، أكثر من أي وقت مضى، توحيد وتقوية مواقفنا العربية لمواجهة المخاطر التي تحيط بالمنطقة بكل حسم. ولا نغفل في هذا السياق، الإشارة إلى الدور الهام الذي تتولاه المملكة الأردنية الهاشمية على صعيد نصرة قضايانا المصيرية وتعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي، مع تمنياتنا لمساعيها القيّمة ومواقفها الخيّرة كل توفيق وسداد.

كما لا يفوتنا أيضًا، أن نحيّ الجهود المخلصة لأخينا فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، في إدارة أعمال القمة السابقة بمخرجاتها البناءة، مشيدين بالمتابعة الحثيثة للأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بقيادة أمينها العام معالي الأخ الفاضل أحمد أبو الغيط، وما تبذله من جهد مشكور لمتابعة تنفيذ القرارات العربية، ومن حسن الإعداد والتحضير لهذه القمة، التي نسأل الله تعالى أن تُكلل أعمالها بالنجاح لخدمة قضايا أمتنا العربية.

 

أصحاب الجلالة والسمو والفخامة،،

إن قمتنا هذه تأتي لتؤكد على الإرادة الصادقة لدولنا بتقديم كل سبل العون لأشقائها الذين يواجهون تحديات ومخاطر تهدد أمنهم، أو يعانون من تدخلات تحول دون تمام استقرارهم. ويأتي في صدارة ذلك اعتداءات التنظيمات الإرهابية التي تهدّد سلامة مجتمعاتها وحياة أبنائها، وما يستدعيه ذلك من عمل جاد لمواصلة التصدي لتلك التنظيمات والقضاء عليها من خلال تجفيف مواردها وإيقاف مدها الفكري المتطرف، كخير سبيل للتغلب على المحاولات المغرضة لبعض الدول والأطراف التي تعمل جاهدة من أجل ضرب أمننا القومي، والإضرار بمصالح أمتنا والمساس بسيادة دولنا وتعطيل مسيرة تقدمها.

ولعلّه من الضروري هنا، أن نجدّد مطالبتنا للجمهورية الإسلامية الإيرانية من هذا المنبر، بأن تعلي مبادئ حسن الجوار بضرورة التجاوب مع المساعي الحثيثة لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة لحل قضية الجزر الإماراتية الثلاث، عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، مجددين موقفنا الثابت والرافض بشدة لاستمرار احتلال إيران لهذه الجزر، ودعمنا التام لحق سيادة الإمارات العربية المتحدة عليها.

 

أصحاب الجلالة والسمو والفخامة،،

إنه لمن المؤسف وبما يدعو إلى الأسى أن تستمر معاناة الشعب السوري الشقيق إلى يومنا هذا، والتي تتفاقم يومًا بعد يوم رغم كافة الجهود المبذولة للوصول إلى صيغة توافقية لحل سياسي شامل، الأمر الذي يفرض على الأسرة الدولية بالإسراع في إيجاد حلٍّ يرتضيه أبناء الشعب السوري ويحافظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها ويمنع التدخلات الخارجية في شؤونها، ويعيد إلى سوريا أمنها واستقرارها ومكانتها لتنهض من جديد بمشاركة جميع أبنائها، مؤكدين هنا على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في الأراضي السورية واستمرار كل جهد يؤدي إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للشعب السوري، مقدرين في هذا السياق ما تقوم به الدول العربية وخاصة المملكة الأردنية الهاشمية في رعاية أشقائنا السوريين والتخفيف من معاناتهم وتوفير كافة احتياجاتهم في العيش الكريم.

وعلى صعيد آخر، تُشكّلُ وحدة اليمن واستعادة أمنه واستقراره وتخليصه من التدخلات الخارجية من أولويات التحالف العربي، كما تأتي ضرورة التزام كافة الأطراف والقوى السياسية بتغليب المصلحة العليا لليمن وشعبه واحترام الشرعية المتمثلة في فخامة الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، مدخلاً أساسًا للوصول إلى الحل السياسي الشامل والعادل، منوهين هنا بالجهود الدبلوماسية التي تبذلها الأمم المتحدة عن طريق مبعوث الأمين العام إلى اليمن سعادة السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد.

ونتطلع في هذا السياق إلى بذل كل ما يلزم لإعادة الاستقرار في العراق الشقيقة وحماية شؤونها من التدخلات الخارجية، لتستعيد دورها الاستراتيجي في الدفاع عن القضايا والمصالح العربية، آملين نجاح الجهود المبذولة لاستعادة سيطرة الدولة على أراضيها والقضاء على جميع التنظيمات الإرهابية المهددة لسيادتها.

وفيما يخص الأوضاع في ليبيا، فإن مملكة البحرين تؤيد كافة الجهود الرامية لتوحيد الصف الليبي والحفاظ على وحدة واستقرار الدولة الليبية، وترسيخ دعائم مؤسساتها الوطنية بعيدًا عن أية تدخلات خارجية.

وسيظل تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة مرتبطًا بشكل مباشر باسترداد الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة المتمثلة في إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكل الأراضي الفلسطينية، ووقف كافة أنشطته الاستيطانية، والالتزام بالقرارات والمبادرات الشرعية سواء الإقليمية أو الدولية التي تؤكد تمسكنا بحل الدولتين باعتباره من الثوابت التي لا يمكن التنازل عنها.

 

أصحاب الجلالة والسمو والفخامة،

إن التهديدات التي تواجه أمتنا تمتد بتأثيراتها على النواحي الاقتصادية والتنموية، وتستدعي تطوير وتفعيل الآليات المناسبة، كآلية القمة الاقتصادية، عبر وضع استراتيجيات عمل متكاملة تقوي أوجه ومجالات التعاون والتكامل بين دولنا لاستدامة التنمية الشاملة فيها، وذلك من خلال عدة مشاريع تشمل مجالات الطاقة والنقل والمواصلات، وتقنية المعلومات والاتصالات، والأمن الغذائي، والرعاية الصحية، وحماية البيئة وغيرها.

كما أن التركيز على مجال تطوير استخدامات الطاقة المتجددة والاستثمار فيه، سيكون له انعكاس مباشر على تأمين احتياجات الدول العربية للطاقة وتنويع مصادرها وضمان استدامتها وبما يحفظ الاحتياجات بعيدة المدى للأجيال القادمة.

وفي الختام، وبالرغم من جسامة التحديات المحيطة بمنطقنا العربية وصعوبتها وكثرة التهديدات وخطورتها، فإننا نحمد الله تعالى، لكوننا أمة ثرية بإمكاناتها البشرية والفكرية الهائلة، ومكانتها الحضارية وعمقها التاريخي وموقعها الاستراتيجي ومواردها الطبيعية المتنوعة، ما يجعلها قادرة على الحفاظ على مكانتها وصون مقدراتها وصناعة مستقبلها، وتحقيق ما نتطلع إليه من ازدهار ورخاء، شاكرين ومقدرين للأخ العزيز جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله لاحتضان المملكة الأردنية الشقيقة لأعمال هذه القمة، ولما لمسناه من قبل شعبها المضياف المعروف بشهامته وترحابه من حفاوة استقبال وكرم ضيافة، مع تطلعنا إلى أن تسهم قرارات قمتنا في إيجاد الحلول اللازمة لحماية مصالحنا العربية المشتركة للحفاظ على وحدة الصف والمصير من مشرق الوطن العربي إلى مغربه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.