العدد 5699
الأربعاء 22 مايو 2024
banner
لا للإسراف
الأربعاء 22 مايو 2024

قال تعالى في كتابه الحكيم “وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً”. لا شك أن هناك الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تخص الإسراف والتبذير في جميع مناحي الحياة. فقد استوقفني مقطع فيديو متداول لبرنامج تلفزيوني، وبصراحة لا أعرف من تكون ضيفة البرنامج، لكنها حتما من المشاهير كما كان واضحا من طرح مقدمة البرنامج، وذلك في برنامج اسمه “مشاهير Fun”، وبصراحة شديدة ورغم أن المقطع كان قصيرا عن موقف هذه الضيفة التي أعربت عن رفضها القاطع والشديد لشراء الكماليات والاكسسوارات باهظة الثمن التي تحمل ماركات عالمية مشهورة! إلا أن ما أثار إعجابي هو طرحها موقفها الرائع بكل ثقة وبدون أي تردد! هذه الضيفة أوضحت أنها إذا امتلكت المال فإنها ستستثمره في العقار وشراء حاجيات المنزل بدلاً من اقتناء حقيبة باهظة الثمن على سبيل المثال وليس الحصر!
لا شك أن الموضوع شائك ومتشعب ومن الصعب الاتفاق عليه، لأنه وبكل بساطة يكمن في الثقافة والقناعة والتربية والتعليم والعادات والتقاليد. ناهيك عن التقليد الأعمى للوصول إلى حياة الطبقات الاجتماعية الأكثر ثراء ووجاهة التي تسمى الطبقة المخملية! لقد أصبحنا مع الأسف الشديد شعوبا استهلاكية ومادية إلى أقصى حد، فبالله عليكم كيف تستطيع عائلة من الدخل المحدود تحمل أعباء الحياة اليومية من أجل الحصول على المال الذي تحتاجه لتلبية احتياجاتها المختلفة الأساسية، فما بالكم إذا ما طلبت الزوجة شراء الكماليات غير الضرورية، حتما ستكون هناك آثار سلبية على رب الأسرة. أنا لا أطالب هنا بالبخل على أفراد العائلة، لكنني في الوقت نفسه أطالب بترشيد الإنفاق والتركيز على الأساسيات وعدم المغالاة في اقتناء السلع الاستهلاكية غير الضرورية.. يقول المثل الشعبي “مد رجلك على قد لحافك”، لكننا لا نطبقه، وهذا ما يسبب لنا الكثير من المشاكل والخلافات الزوجية.

وكما يعلم الجميع بأن الكثير من الناس وخصوصا النساء تتسابق بشكل جنوني لاقتناء الملابس والمجوهرات والسيارات والأحذية أعزكم الله والحقائب وغيرها من الماركات العالمية التي تكلف الكثير وترهق الميزانية، ناهيك عن الضغط النفسي على الشخص نفسه!
شخصيا أرى بأن بعض الناس يفتقدون الثقة بالنفس والثقافة والتعليم ويعتقدون أن اقتناءهم هذه الماركات العالمية سيزيد قوة شخصيتهم ووجاهتهم في أوساط المجتمع! ماذا نحتاج؟ نحتاج إلى العمل على توعية المجتمع بمثل هذه الممارسات الخاطئة التي تحتاج إلى وقفة جادة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه الظاهرة السلبية الخطيرة التي تهدد الحياة العامة للمجتمع.
وسائل الإعلام المختلفة والرسمية منها خصوصا، والمدارس والجامعات والجمعيات الأهلية والأهالي مطالبون بالتحرك بشكل أكبر لتصحيح الكثير من الممارسات الخاطئة التي تستهدف المجتمع بكل فئاته. قال تعالى: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .