العدد 5699
الأربعاء 22 مايو 2024
banner
عبدالجبار الطيب
عبدالجبار الطيب
التكلفة الاقتصادية للحبس الاحتياطي على الدولة
الأربعاء 22 مايو 2024

الحبس الاحتياطي هو إجراء استثنائي يتم فيه تقييد حرية المتهم لفترات يحددها القانون لضمان حسن سير إجراءات المحاكمة وضمان تنفيذ العقاب حال صدور الحكم القضائي، وهو بهذا الشكل إجراء وقائي في الأصل سابق لصدور الحكم.
ومن وجهة نظر اقتصادية، فإن هذا الاجراء يتضمن جملة من التكاليف كتوفير مكان ملائم يكون محبسا للمتهم، والطعام والشراب الجيد والكافي، والملبس والكهرباء والماء والتعقيم والتنظيف والنقل وتوفير الرعاية الصحية والنفسية للمتهم، وكلفة الوقت الذي تقضيه جهات إنفاذ القانون على متابعة المحبوسين احتياطياً، وتكلفة فقدان إنتاجية المحبوس احتياطياً في المجتمع متى كان عاملاً، وتكلفة الدفاع عنه، وصيانة مرفق الإصلاح والتأهيل وتوسعته وتطويره، والتعويض في حال البراءة وغيرها من المصروفات التي لا اختلاف على أنها تثقل كاهل الموازنة العامة، وفي الجانب الآخر يتوجب ألا ننسى الخسائر التي يتكبدها المتهم كذلك.
تشير بعض الدراسات المتخصصة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية قد تكبدت في العام 2017 ما يقارب 13.6 مليار دولار كمصروفات للحبس الاحتياطي لمجموع ما يقارب 452 ألف محبوس احتياطي، والتكلفة المتوسطة في إنجلترا وويلز في العامين 2021 و2022 لكل سجين حوالي 31 ألف جنيه إسترليني.
ولذلك وأخذاً بالمعطيات أعلاه، وفي ظل ما نشهده من تحول مهم في نظام العدالة الجنائية في بلادنا بالاتجاه بشكل كبير ومحمود نحو الوساطة والتحكيم والعقوبات البديلة والسجون المفتوحة نتصور ضرورة إجراء مراجعة شاملة وعملية لإجراء الحبس الاحتياطي كونه إجراءً استثنائياً ولكلفته الاقتصادية التي يمكن تجاوزها عبر التوسع في وسائل بديلة كالمراقبة الالكترونية عبر السوار الالكتروني وإلزام المتهم بعدم الخروج من مسكنه وتقدمه طوعاً بزيارة مركز الشرطة في أوقات محددة خلال نظر الدعوى واستخدام تقنيات الفيديو كونفرانس وغيرها من الوسائل، ويمكن اللجوء لإجراءين معاً كأن يكون السوار الإلكتروني هو الوسيلة الأساسية ومعه إجراء آخر، كل ذلك بما لا يؤثر على حسن سير إجراءات المحاكمة وفي ذات الوقت يقلل على نحو فعال من التكاليف الاقتصادية الناتجة عن الحبس الاحتياطي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية