+A
A-

السينما تغازل المرأة في مهرجان كان السينمائي الدولي 2024

احتلت المرأة وقضاياها المساحة الأكبر من قضايا موضوعات أفلام مهرجان كان السينمائي بالأخص تلك التي عرضت ضمن الاختيارات والمسابقة الرسمية، حيث راح يترسخ الحضور العالي الكعب للمرأة وان ظلت المحاور الأساسية هي الاستقلالية وتأكيد الذات وتجاوز التحديات والكينونة

 في الفيلم البريطاني – بيرد – أندريا أرنولد الذي أخذتنا إلى حكاية مراهقة تعيش وسط الضغوط نتيجة انفصال والدها عن والدتها والزيجات المتكررة لكل منهما لاحقا. تجد تلك المراهقة نفسها وحيدة تحاول أن تحقق ذاتها والبحث عن الحب والاستقرار لتجمعها الصدفة مع مراهق اسمه (بيرد) تشعر معه بمساحة من الأمان. على مساعدتها في أحرج الموقف.

 في فيلم (المادة) لكارول فارخات نحن أمام فكرة مركبة حيث تدخل إحدى الممثلات اللواتي كبرن في السن لأن على نسخها شابة منها لتكمل مشوارها في تقديم برنامج التمرينات الرياضية التي تقدمها. ولكن تلك النسخة تتجاوز الشرط المحور بأن يكون أسبوع للحياة للأصل وأسبوع آخر للنسخة. حيث تبدأ النسخة بسرقة بعض الوقت الإضافي وكلما سرقت دقيقة أو ساعة تشوه الأصل. حتى تصل المرأة الأصل إلى منطقة من التشوه غريبة الملامح. وعندها تطلب النسخة هي الأخرى نسخة منها لتأتي النسخة الثانية مشوهة بالكامل وكان الفيلم يقول بأنها لا نسخة لأي منا ولا للعب في خلق الخالق العظيم. في الفيلم أداء رفيع المستوى للنجمة الأميركية ديمي مور. وهي تحاول تحقيق ذاتها وتجاوز الزمن.

التجربة الاساسية في موضوع حضور المرأة يأتي من خلال فيلم (انورة) للمخرج الاميركي شون بيكر الذي يتوقف امام حكاية فتاة تعمل راقصة تعرية في احد الاندية وتقودها الصدفة الى شاب ثري روسي (تعقد) بانه الخلال من واقعها المرير فتعطية كل الحب وتوافق على طلب الارتباط بها ولكن مع مرور الوقت يأتي رفض عائلته الثرية حيث يصل والده ووالدته المتسلطة لجبرانها على الموافقة على الطلاق والغاء عقد الزواج الرسمي في مغامرة سينمائية تجمع الالم بكوميديا الموقف عبر مشهديات قاسية ومؤلمة وعنيفة، حتى اللحظة التي يتحقق بها الانفصال لتعود انوره الى عالم الليل الذي رغم قسوته سيكون افضل من وهم الحب.

 المرأة حاضرة وبخطين متوازيين في فيلم – ايميليا بيرز – للمخرج الفرنسي جاك اوديار، حيث المرأة المحامية التي تتلقين عرضا من زعيم إحدى عصابات المافيا والمخدرات يطلب منها ان تبحث له عن اهم الجراحين الذين يقومون بعمليات التحول الجنسي لرغبة هذا الرجل القاسي العنيف لان يتحول الى امرأة. وحينما يتحول الى امرأة نرى شخصية مشبعة بالدف والحنان الإنساني وايضا العمل التطوعي للبحث عن المفقودين نتيجة ممارسات العصابات الاجرامية في المكسيك. تلك الخطوط المتوازية تجعلنا امام محور متفرد للمرأة فهي المحامية الصارمة وايضا المرأة التي كانت زعيم عصابة والتي تعوض كل ذلك العنف والجريمة بقلب يحمل الدفء والحب، واعتقد شخصيا بانت نجمات الفيلم هما الاقرب الى حصاد جائزة أفضل تمثيل نسائي لتنوع الاداء وثراء الشخصيات وعمقها.

في فيلم – مارسيلو ميو – لكريستوف هونرية تلعب النجمة الفرنسية – الإيطالية كيارا ماستروياني شخصية والدها وهي بالمناسبة ابنة النجمة الفرنسية كاثرين دينوف والتي تشاركها الفيلم شخصية تبحث من خلالها تلك المرأة على الكينونة، حتى لو كان بصورة والجهاز الذي تشبه بشكل متطابق.

 ويتواصل حضور المرأة وهي في فيلم – جراند تور – لميجيل بيرز حيث المرأة تظهر في النصف الثاني لتكمل الفيلم وتحلق به بعيدا حيث حكاية المستشار البريطاني في شرق آسيا الذي يقوم بمهمته وجولته بينما تتحرك خلفة خطيبته التي لم يلتق بها منذ سبعة أعوام. وهي تبحث عن الحب والأمل حتى وهي تعرف تماما بأن هذا الحلم لن يتحقق حيث تباعدت المسافات وطال والوقت ولا أمل باللقاء إلا أنها تظل وفيه للعهد والوعد، حتى لو نفذ العمر.

في الفيلم الصيني – بين المد والجزر – نتابع حكاية ممثلة شابة تظل تطارد حبيبها الذي يتهرب منها ورغم ذلك تتجاوز تجاهله على أمل أن تقترن به وهي تعلم جيدا بأن الحب ليس الحل، بل إن الرجل ليس هو الحل الحقيقي المناسب.

 وهكذا هو الأمر في فيلم – بارثنوب – للإيطالي بلولو سورفينو حول تلك الصبية التي تقضي عمرها بحثا عن الحب الحقيقي والذي تجده في مفردات الجمال في مدينة نابولي الإيطالية. فالجمال حاضر في كل شيء الوجوه والموسيقى والغناء وأيضا بقية المفردات في تلك المدينة البهية.

ولكنها في الفيلم الإيراني – بذرة التين المقدسة – لمحمد راسلوف تظل تلك المرأة الإيرانية المناضلة آلت تطالب بالحرية ومواجهة سطوة الرجل غير المبنية على أسس تربوية أو اجتماعية والتي تفسر الدين لأسباب وأهداف تستغل الدين وتدعو إلى هيمنة الرجل وتسلطه، عبر تلك القراءة نلاحظ الحضور العالي للمرأة في النسبة الأكبر من أعمال ونتاجات مهرجان كان السينمائي في دورته الـ 77 التي تواصلت في المدة من 14 – 25 مايو الجاري، حيث تتغزل السينما بالمرأة وقضاياها.