+A
A-

فيلم "ميدان" إنجاز بليغ يصوّر تحدي الصعاب والشدائد

قال المخرج السينمائي الكبير ساتيا جيت راي:
"في ميدان الاقتباس، هناك خط، أو خطان يمكن السير عليهما، فإما أن تشوه القصة الى ان تتطابق مع الصيغة الهوليودية، او يتم انتاجها بتمسك شديد بالاصل الى حد القضاء على الغاية من التفسير السينمائي".
لقد أثار الفيلم الهندي الجديد " ميدان" للنجم أجاي ديفجن،وإخراج أميت رافيندرناث شارما، والذي تأجل كثيرا بسبب جائحة كرونا، حيرة النقاد والمشاهدين على السواء، فالجميع لا يختلف على ان المخرج اميت مخرج متمكن من ادواته، وكيان سينمائي مستقل، وقدم عددًا من الأفلام ذات رؤية خاصة مثل " بادهاي هو" و " تيفار" والقصص الأخيرة" وغيرها، وفي هذا الفيلم حرص على الصدق التاريخي بمثل حرصه على الصدق الفني وعلى ابلاغ وجهة نظرة دون ان يقع في مزالق السياسة او الدعاية الاجتماعية.
فيلم " ميدان" فيلم رياضي مأخوذ عن قصة حقيقة ويتحدث عن مدرب كرة القدم سيد عبدالرحيم " اجاي ديفجن" يسعى الى قيادة منتخب الهند لكرة القدم في الألعاب الأولمبية بين عامي 1952 و 1962، نحو غايات ابعد مدى، متحديا الصعاب التي اعترضت طريقه والشدائد بما فيها اصابته بسرطان الرئة، وينجح في تحقيق بطولة شامخة لوطنه الهند في لعبة كرة القدم ويحقق ميدالية ذهبية في الألعاب الاسيوية عام 1962 ومنذ ذلك الحين لم تتأهل الهند لاي بطولة تخص كرة القدم في الاولمبياد، ومات المدرب حكيم بعد ذلك بتسعة شهور.
قصة الفيلم تحمل فكرة قائمة بحد ذاتها وهي المعجزة، ويعتبر المشهد الأخير في الفيلم من اقوى واروع مشاهد السينما الهندية الحديثة من ناحية البناء السينمائي، حيث ظهرت امامنا خمس من الشخصيات الأصلية التي كانت ضمن فريق المدرب سيد عبدالرحيم في الستينات وهي تجلس على كراسي متحركة، من اجل ان يصعق المشاهد بظهور هؤلاء الرجال الطاعنين في السن، وهم يرتدون الميداليات الذهبية التي حققوها مع مدربهم سيد عبدالرحيم، ورغم أنه في كثير من الأفلام التي تحدثت عن سير رياضية مماثلة وختمها المخرج بصور أو لقطات للشخصيات الاصلية مثل فيلم عامر خان الشهير " دنقل"، إلا ان المخرج اميت قدم لنا نموذج ساطع لخصوصية الرؤية وخصوصية الرموز، وجمالية فجرت شحنات هائلة من المعاني عبر صياغة راقية للمشهد.
ويحسب أيضا للمخرج اميت محافظته على توازن اللقطات، حينما استعان بلقطات اسود وابيض من المكتبة السينمائية الارشيفية او بلقطات مصورة خصيصا وجمعها في تسلسل متطور ببراعة شديدة تتوافق مع المواقف الدرامية وبالأخص في ملعب كرة القدم، حين يتنافس فريق المدرب سيد عبدالرحيم مع بقية الفرق الأوروبية والاسيوية، ونلاحظ أيضا جمالية اللقطة النهائية للمشهد التي تعبر عن الانتهاء التدريجي للتوتر والاثارة في كل مباراة سواء بالخسارة أو الفوز، إضافة الى اقوى المؤثرات فعالية في السينما.
اما الفنان أجاي ديفجن فقد استطاع ان يفرض نفسه كواحد من اعظم المبدعين في هذا الجيل الجديد، والشخصيات الأخرى في الفيلم اختيرت بعناية كون القصة فيها سلوك انساني معقد تحتاج الى مخرج ماهر ليشرحها، كشخصية سايرة رحيم زوجة المدرب سيد رحيم التي قدمتها الفنانة بريماني، وشخصية روي تشدوري التي قدمها الفنان الرائع جاجراج راو، وغيرهم.
فيلم "ميدان" إنجاز بليغ يصور تحدي الصعاب والشدائد.