العدد 5711
الإثنين 03 يونيو 2024
banner
قصتي مع الامبراطور ونادي الهلال السعودي
الإثنين 03 يونيو 2024

حينما كنا نسافر إلى مدينة الخبر عن طريق البحر و”فرضة المنامة” في السبعينات وبداية الثمانينات لنصيف عند عمتي “أم طلال” رحمها الله، كان يأخذني ابن عمتي عبدالله بن يوسف الدوسري رحمه الله وهو مشجع نصراوي متعصب إلى المباريات التي كانت تقام في ملعب الدمام القديم، وذات يوم لعب نادي القادسية من الخبر والهلال من الرياض، ولحظتها بدأت خيوط القصة وحبكتها كمسرحية قصيرة أو لقطات سينمائية، فبعد سلسلة من المواقف المتداخلة وقفت وأنا ابن 15 عاما أمام صالح النعيمة الملقب بالامبراطور في ممر جانبي بعد انتهاء المباراة كغيري من الذين جاءوا لتحيته وبقية أفراد الفريق، ولم تكن المسافة الزمنية بعيدة جدا لتبدأ طقوس العائلة، ففجأة قطع الممر واقترب مني وقال.. ما اسمك؟ أجبت أسامة وأنا من البحرين، ابتسم وغاص في بحر من الكلمات وقال مرة أخرى ولكن بحبكة متقنة.. أي فريق تشجع؟ كنت في منطقة اللاوعي ونصف الوعي ومحاورة داخلية قطعها بيده البيضاء وهي تمسح على رأسي.. شجع الهلال.
إن اختيارنا هذه الأمور يجعلنا نعقد موازنة ونرصد تأملات وتغيرات بين الحاضر والماضي، فقد أثر الكابتن صالح النعيمة في كثيرا وغير مفاهيمي، ورحت أدرس وأتمعن في كرة القدم وزادت حساسية البطل في ثنايا الرواية وانطلاقه في بحر عشق نادي الهلال الذي أحسست أنه يتقدم لي مثل نجمة، عيون تتأملني ثم تطبق أهدابها. تدحرج الزمن وعواصف العمر تتقلب بهدوء، 40 سنة وأنا أضع رأسي بين أحضان نادي الهلال، فالقلب آيته المضيئة كما يقال، فهو وحده من علمني اسم المعشوق من بين جميع الأسماء، وصارت كل حروف الكون على شكل هلال. 
ومع جنون هذا العشق المرسوم بحجم قارة في قلبي، لم أزر ولم تطأ قدمي نادي الهلال بالرياض ولو مرة واحدة. تخيلوا ذلك.. 40 سنة انطفأت فيها مصابيح عمري وأنا أتكئ على حافته وأنظر للهلال بحب مدفون منسي.

* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .