من الأمثال الشهيرة الجارية على لسان العرب “عش رجبا ترى عجبا”، فقد ذكرت وسائل الإعلام الرسمية في الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية أن إحدى المدارس العالمية الخاصة قامت بفعل شنيع وضربت عرض الحائط كل القيم من خلال سرقتها كهرباء وماء المسجد المجاور لها! صدق أو لا تصدق! هذه المدرسة استفادت من الدعم الحكومي لبيت الله وتجرأت وأساءت إلى صميم رسالتها وأهدافها التربوية والتعليمية السامية والنبيلة، وفور قراءتي الخبر المنشور لم أشأ تصديقه، وفي الحقيقة لم أستطع كتابة المقال بسبب صدمتي الكبيرة، وقد أخذ مني وقتاً لاستيعابه!
لاشك أن السلطات هناك اتخذت اللازم بحق من سولت له نفسه المساس بمكتسبات وأمن الوطن، فالحكومة السعودية تسعى جاهدة إلى الارتقاء بمستوى التعليم وتوفير بيئة دراسية مناسبة للطلبة بهدف تحقيق التنمية المستدامة والشاملة، وليكونوا مصدر فخر واعتزاز من خلال حصولهم على فرص التعليم والتدريب بعد انتهاء الدراسة الجامعية. وقد ساهمت وزارة التعليم السعودية في تحقيق رؤية 2030 وبناء الإنسان من خلال تطوير منظومة التعليم والتعلم، والتطوير الشامل لبرامجها وخططها، واستراتيجياتها المرتبطة بنواتج التعلم، كذلك تطوير المناهج والخطط الدراسية لتتواكب مع الثورة الصناعية الرابعة وتحديات المستقبل. وبصراحة شديدة نلاحظ غياب وفقدان الثقة والقيم في زماننا هذا، فهناك الكثير من القصص السلبية، بل السلبية جدا التي تصدر من الأشخاص في مجتمعاتنا! أصبحت الثقة معدومة بين الناس وحتى بين الأهل والأصدقاء وزملاء العمل! الإنسان الصادق والمخلص والوفي لم يعد له وجود هذه الأيام! لا أريد أن أكون سلبيا ومتشائما إلى أبعد الحدود، لكنه الواقع المر. مالك هذه المدرسة أساء لنفسه أولا ولدينه ووطنه ثانياً. والسؤال الذي يطرح نفسه كيف سمح لنفسه أن يسرق الكهرباء والماء من بيت الله وفي وضح النهار!.
وحتى إذا افترضنا أنه سرقها من جهة أخرى، فهذا غير مقبول جملة وتفصيلا، فالسرقة تعتبر جريمة بحد ذاتها، وتكون جريمة شنعاء ومن الكبائر إذا كانت من بيوت الله. هذا الإثم الذي ارتكبه صاحب المدرسة، أعطى الضوء الأخضر للذين يريدون أن يتصيدوا في ديننا الحنيف، فهناك من ينتظر أن تتاح له الفرصة للهجوم على ديننا الإسلامي بأية طريقة أو وسيلة، فلا تنسوا أن هناك من يتصيد في الماء العكر ويريد إشارة لشن هجوم على المسلمين.
وشاءت الصدف أثناء كتابة هذا المقال أن نشرت الصحف المحلية خبرا عن مديرية شرطة المحافظة الشمالية، حيث ألقت القبض على أحد الأشخاص إثر قيامه بسرقة أجهزة ومعدات إلكترونية من أحد المآتم في المحافظة الشمالية تقدر قيمتها بحوالي 1500 دينار! لا أدري كيف تجرأ اللص بالقيام بهذا العمل المشين في دور العبادة! عش رجبا ترى عجبا.
كاتب وإعلامي بحريني