العدد 5715
الجمعة 07 يونيو 2024
banner
معاناة من أجل المسرح ومصدر أسراره
الجمعة 07 يونيو 2024

مهما اختلفت الزوايا التي ينظر منها إلى المسرح العالمي، ومهما اختلفت الدراسات، إلا أن النظرة الأعمق سرعان ما تتكشف عندما نتحدث أو نقرأ عن الفنان الذي جعل مادته الحياة التي حوله، والاختيار بين الاحتجاج وعدمه، وهو المسرحي الروسي صاحب الرؤية الحديثة لعمل قديم “مايرهولد” الذي يحتل مكانة لا تقل أهمية عن مكانة “ستانيسلافسكي” سواء في نطاق المسرح الروسي أو في المسرح المعاصر محليا وعالميا، وذلك من الوجهة الأكاديمية.
أما من وجهة نظر المسرح المعاصر، خصوصا ما يسمى بالمسرح السياسي والمسرح الملحمي والمسرح الطليعي، فإن مكانة “مايرهولد” تتميز عن مكانة وأهمية “ستانيسلافسكي” بحيث تقف مقابلا لها، فمن المعروف أن “مايرهولد “درس على يد نميروفيتش دانتشنكو وتتلمذ على يد “ستانيسلافسكي” وانخرط في المجموعة الفنية الأولى التي قام عليها مسرح موسكو الفني وبرز كأفضل الممثلين في هذ المسرح.
وقد أتاح له نشاطه في هذه الفترة أن يتفهم بعمق طريق الاتجاه الواقعي الطبيعي في المسرح وعيوب هذا الاتجاه الملازمة للقواعد التي يقوم عليها والأهداف التي يسعى اليها، ما دفعه لأن يتأمل طويلا في أزمة هذا الاتجاه وفي سبل تجاوزه بما يتلاءم ومهمة المسرح من حيث كونه فعالية تغييرية في المجتمع والفن. ولهذا سرعان ما خرج على مسرح موسكو الفني خروجاً واعياً، وراح يكشف عن عيوبه وعدم ملاءمته مع ما يستجد في الحياة الاجتماعية من متطلبات وحاجات تتركز في جوهرها على ضرورة تغيير واقع المسرح باتجاه ثوري.
ولم يقتصر “مايرهولد” على التأمل النظري في أحوال المسرح من حوله، بل قرن النظر بالعمل وراح يبحث ويجرب ويعمل ويبدع ويستخلص من الإنجازات الفنية، التي هي في جوهرها قرن جدلي للنظر بالعمل.
“مايرهولد” حياة حافلة بالألم مفعمة بالمعاناة من أجل المسرح ومصدر أسراره.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية