العدد 5720
الأربعاء 12 يونيو 2024
banner
حملة مكافحة التدخين.. إلى أين؟
الأربعاء 12 يونيو 2024

تحتفل منظمة الصحة العالمية وشركاؤها في كل مكان في 31 مايو من كل عام باليوم العالمي للامتناع عن التدخين، مع إبراز المخاطر الصحية المرتبطة بتعاطي التبغ والدعوة إلى وضع سياسات فعالة للحد من استهلاكه. ويعد تعاطي التبغ أهم سبب منفرد للوفيات التي يمكن تفاديها على الصعيد العالمي، علماً أنه يؤدي حالياً إلى إزهاق روح من كل عشرة بالغين في شتى أنحاء العالم. ويكمن الهدف النهائي لليوم العالمي للامتناع عن التدخين في المساهمة في حماية الأجيال الحالية والمقبلة من هذه العواقب الصحية المدمرة، بل وأيضاً من المصائب الاجتماعية والبيئية والاقتصادية لتعاطي التبغ والتعرض لدخانه.
وفي محاولة لمعالجة قضية الصحة العامة المتنامية بسبب التدخين، أطلقت مملكة البحرين حملة شاملة لمكافحة التدخين تهدف إلى تقليل انتشار استخدام التبغ بين مواطنيها. المبادرة التي تقودها وزارة الصحة تتضمن نهجًا متعدد الأوجه يجمع بين التوعية العامة، والعمل التشريعي، وخدمات الدعم لأولئك الذين يسعون للإقلاع عن التدخين. وتعد التوعية العامة ركنًا أساسيًا في الحملة، حيث تم تصميم برنامج تثقيفي شامل لإعلام المواطنين بمخاطر التدخين وفوائد الإقلاع عنه. من خلال الإعلانات التلفزيونية، والتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وورش العمل المجتمعية، تسعى الحملة للوصول إلى جميع الفئات العمرية. كما يؤكد المسؤولون الصحيون على العلاقة بين التدخين والمشاكل الصحية الخطيرة مثل سرطان الرئة، وأمراض القلب، والأمراض التنفسية. ولدعم الحملة، قدمت البحرين قوانين صارمة لمكافحة التبغ. تتضمن هذه القوانين زيادة الضرائب على منتجات التبغ، وحظر التدخين في الأماكن العامة، وفرض قيود صارمة على الإعلانات. كما تدرس الحكومة أيضًا قوانين التغليف البسيط لتقليل جاذبية منتجات التبغ، خصوصا بين الشباب.
ولاشك أن زرع ثقافة الامتناع عن التدخين تستغرق وقتا طويلا وعملا دؤوباً.

فعندما نتحدث عن ثقافات الأمم الأخرى لابد أن نعي أن ذلك لم يأت من فراغ، أو بدون بذل جهد ودراسة وعمل جاد ومستدام. ولنعترف بأن مناهجنا التعليمية والتربوية تفتقد مثل هذه الأهداف مع الأسف الشديد.
ويعتمد نجاح الحملة بشكل كبير على مشاركة المجتمع. تشجع المدارس وأماكن العمل والمنظمات المحلية على المشاركة من خلال تعزيز البيئات الخالية من التدخين ودعم جهود الإقلاع عن التدخين بين أعضائها.
ومن وجهة نظري الشخصية، فإن الحكومة قامت بعمل جيد من حيث صياغة التشريعات والقوانين، إلا أنني أرى أن وزارة الصحة عليها تفعيلها وترجمتها إلى أرض الواقع من خلال وضع خارطة طريق واضحة طوال العام، حيث إن ذلك يتطلب جهودا استثنائية وحثيثة لتكثيف البرامج التوعوية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المرئي والمسموع، وكذلك التنسيق مع المدارس والمؤسسات التعليمية المختلفة الحكومية والخاصة.
فلا يكفي الإعلان عن احتفال المملكة باليوم العالمي للامتناع عن التدخين بتاريخ 31 مايو من كل عام. فالمطلوب هو تشكيل فرق عمل دائمة ونشطة وتعطى لها الصلاحية الكاملة لتطبيق المشاريع والبرامج التوعوية المطلوبة مع الجهات المعنية مع تخصيص ميزانية مناسبة للعمل. فكما هو معلوم أن الجهات الحكومية عادة ما تعاني من شح الموارد المالية، إلا أن ذلك لا يعني ان نجلس مكتوفي الأيدي، فهناك الكثير من الرؤى والأفكار. فعلى سبيل المثال وليس الحصر من الممكن إشراك القطاع الخاص في مثل هذه البرامج التوعوية التي هي من صميم عمله وفي إطار سياسته في الشراكة المجتمعية.
ومن واقع خبرتي الطويلة في هذا المجال بحكم عملي السابق، لاحظت أن الكثير من الجمعيات الخيرية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني تفتقر إلى أصول وأساليب العمل الخيري والاجتماعي وكيفية تسويق منتجاتها (أقصد برامجها) بشكل صحيح .فالعمل التطوعي يتطلب جهودا جادة وحثيثة ونفسا طويلا، ومتابعة مستمرة لضمان الحصول على الدعم اللازم من المؤسسات.
أنا على يقين بأن النتائج ستكون حتما إيجابية إذا ما قمنا بتنفيذ الخطط والبرامج بشكل محترف، والأهم هو الصدق والجدية والعمل بروح الفريق الواحد.
من هذا المنبر أدعو جميع الجمعيات الخيرية والأهلية إلى العمل مع الجهات الحكومية المعنية لتحقيق الأهداف المرجوة، حيث إنها أنشئت لهذا العمل الإنساني والاجتماعي وليس للظهور الإعلامي. وعلى وزارة التنمية الاجتماعية أن تضع معايير وشروط محددة وواضحة لأداء أعمال الجمعيات ومراقبة أدائها.
وعودة إلى موضوع المقال، الشباب بحاجة اليوم إلى التوجيه والإرشاد المعنوي الصحيح وبشكل مستمر للابتعاد عن العادات السيئة، فالمغريات هذه الأيام أصبحت كثيرة وسهلة المنال. ربي احفظ شبابنا من آفة التدخين وأسبغ عليهم ثياب الصحة والعافية ليكونوا أصحاء يخدمون وطنهم وأهلهم. والله من وراء القصد.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية