تجتاح مشاعري دوما موجة عاطفية كبيرة، هي خليط من الاحترام، والتقدير، والتعاطف، حين أرى مواطناً، أو مواطنة، من كبار السن غالباً، وهم يفترشون طاولة صغيرة، في جوانب الطرق والأرصفة الترابية، وعليها معروضاتهم للبيع، راضين بما قسم الله لهم.
مأكولات، مستلزمات منزلية، ورق محارم، فواكه، لوز، حب شمسي، وأيا كانت هذه المعروضات، لكنها في نهاية المطاف، تحمل عنواناً بالخط العريض، بأن من يقف خلف هذه الطاولة، هو بطل، وكادح، ومناضل للقمة العيش الشريفة، ومدرسة حقيقية لجيل اليوم، ولكل الأجيال القادمة.
النزول للبيع في جوانب الطرق، وعلى الأرصفة. ليس بالأمر الهين على النفس، وليس بالأمر المتعارف عليه، لكنه وببساطة يعكس أصالة موجودة، وعزيمة داخلية، وإرادة صادقة، بأن اللقمة الحلال طيبة، وإن كانت صغيرة، ولا تشبع.
وفي هذا الشأن تحديداً، أذكر نفسي وغيري، بأن هؤلاء الباعة الكرام، من أبناء البلد الأوفياء هم الأحق من غيرهم، بأن نشتري منهم، حتى وإن لم نكن بحاجة لذلك.
فالفكرة بأنهم وجه كريم من أوجه الأسر المتعففة، التي أوصانا بها الدين، والرسول الأعظم (ص)، والذين كلما فتحنا لهم باب خير، لاقينا مثله أمامنا، ولو بعد حين.
مساعدة الأسر المتعففة من الباعة البحرينيين، واجب أخلاقي، يعبر عن الحس الداخلي، وعن المسؤولية الاجتماعية، وهو تذكير لهؤلاء الباعة، ولغيرهم، بأن أهل الخير لن يتركوهم على حالهم هذا، بل سيكونون إلى جانبهم بقدر الاستطاعة، وإن كان بالقليل.