+A
A-

بريطانيا.. هل يكون سيناريو فوز "العمال" إيجابياً للأسواق؟

نقل تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية مجموعة من التحليلات الصادرة عن بنوك ومؤسسات مالية، بشأن توقعات تأثر الأسواق في بريطانيا حال فوز العمال في الانتخابات القادمة، مشيرين إلى أن ثمة قطاعات اقتصادية أساسية -من بينها البنوك- تراهن على فوز الحزب الذي يُعول عليه في استعادة ثقة الأسواق، بينما قطاعات أخرى ربما تتضرر من ذلك.

واستدل التقرير بالمذكرة الصادرة عن خبراء في بنك جيه بي مورغان الأميركي، قالوا إن فوز حزب العمال في الانتخابات سيكون بمثابة عامل إيجابي تماماً للأسواق المالية، وذلك في تحليل يسلط الضوء على جاذبية "البرنامج الوسطي" لكير ستارمر في لندن.

وكتب محللون بقيادة ميسلاف ماتيجكا، رئيس استراتيجية الأسهم العالمية في البنك، في مذكرة للعملاء، إن الأغلبية لحزب العمال ستفيد البنوك وشركات البناء ومحلات السوبر ماركت.

وإلى ذلك، قال محللون في بنك الاستثمار الياباني MUFG، إن فوز العمال سيكون "الأكثر إيجابية بالنسبة للجنيه الاسترليني"؛ لأنه سينهي عدم الاستقرار السياسي، ويزيد التوقعات بزيادة الإنفاق الحكومي، وربما يساعد في الدخول في علاقة أكثر إيجابية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد.

وستارمر هو المرشح الأوفر حظا ليصبح رئيس وزراء المملكة المتحدة المقبل، وفقاً لاستطلاعات الرأي.

وكان التحول الذي شهده حزب العمال منذ الانتخابات العامة للعام 2019 ملحوظاً، بما في ذلك الإطاحة بالزعيم السابق جيريمي كوربين وتخفيف التزامات الإنفاق السابقة.

وفي السياق، يشار إلى أن أكثر من نصف المشاركين في استطلاع أجرته وكالة بلومبرغ نيوز، وعددهم 268، إن فوز حزب العمال سيكون أفضل نتيجة للجنيه الاسترليني.

كما كتب ديريك هالبيني ولي هاردمان، من بنك MUFG، الأسبوع الماضي أن خطط إنفاق حزب العمال "من غير المرجح أن تغذي مخاوف المستثمرين"، موضحاً أن من المرجح أن يتعلم الحزب درس حزب المحافظين تحت قيادة ليز تروس، التي تحولت رئاستها للوزراء بسرعة إلى الفوضى بعد أن شعرت الأسواق المالية بالخوف من التخفيضات الضريبية غير الممولة.

وانخفض الجنيه الإسترليني في ظل فترة تروس إلى أدنى مستوى له على الإطلاق مقابل الولايات المتحدة عند 1.0327 دولار، مقارنة بـ 1.27 دولار مطلع الأسبوع الجاري.

وعود العمال

ووعد حزب العمال بالالتزام بالقواعد المالية، بما في ذلك عدم الاقتراض لتغطية الإنفاق الحكومي، وخفض صافي الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى فترة خمس سنوات متوقعة.

لكن كتب هالبيني وهاردمان، تعليقاً على ذلك: "لا يوجد تطور جريء هنا، ولا يوجد تحول في الأطر المالية.. يلتزم حزب العمال بشكل أساسي بنفس القيود المالية المعمول بها الآن".

وكتب ماثيو رايان، رئيس استراتيجية السوق في شركة إيبوري للخدمات المالية، أن احتمال تشكيل حكومة حزب العمال في الواقع يعزز الجنيه الاسترليني مقارنة باليورو، الذي تضرر من عدم اليقين بشأن حجم قوة اليمين المتطرف.

وبشكل عام، يفضل الاستراتيجيون في بنك جيه بي مورغان مؤشر أسهم FTSE 250 الذي يركز على السوق المحلية للشركات متوسطة الحجم المدرجة في لندن على مؤشر FTSE 100 للأسهم الممتازة، الذي يركز أكثر على المستوى الدولي.

ووفق التقرير، فإن الحكم الذي أصدره جيه بي مورغان على حزب العمال الذي ينتمي إليه ستارمر يتناقض بشكل صارخ مع معارضته لسياسات كوربين، بما في ذلك تأميم عديد من الصناعات. ففي العام 2019، قال بنك جيه بي مورغان إن حكومة حزب العمال "ستثقل كاهل" المستثمرين الأجانب.

ومع ذلك، لن ترحب جميع الشركات الكبرى بحكومة حزب العمال في العام 2024، حسبما قال جيه بي مورغان، مستشهدا بالتأميم الموعود لشبكة القطارات ومقترحات زيادة الضرائب على شركات الطاقة.

ومن المرجح أيضاً أن تواجه شركات المياه تنظيماً متزايداً، لكن المرافق الأخرى يمكن أن تستفيد من الإنفاق على البنية التحتية ذات صافي الطاقة الصفرية.

فرص وتحديات

 من لندن، أكد خبير اقتصاديات الطاقة، نهاد إسماعيل، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن حزب العمال سيرث الفرص والتحديات والأزمات التي تواجه الاقتصاد البريطاني، مشيراً إلى أن العنصر الهام في هذا السياق أن حزب العمال في العام 2024 ليس حزب العمال في التسعينات وما قبل ذلك.

وفسر إسماعيل ذلك بقوله: "التغيير الحاصل أن حزب العمال بقيادة كير ستارمر أقل أيديولوجية وأكثر براغماتية.. ويحمل أجندة داعمة لقطاع المال الأعمال والشركات.. ولكن التحدي الكبير يتمثل في إصلاح الفشل الاقتصادي الذي عانته بريطانيا تحت حكم المحافظين منذ العام 2010 حتى الآن".

 لذا يجب القول إن الاقتصاد البريطاني واجه أزمات وتحديات وكذلك سوء إدارة منذ وصول المحافظين لسدة الحكم عام 2010، لا سيما وأن "بريطانيا الأن الأقل نجاحاً في مجموعة السبعة حسب تقديرات صندوق النقد الدولي".

ورصد الخبير الاقتصادي ما وصفه بـ "الأخطاء التي ارتكبها حزب المحافظين منذ توليه دفة الحكم في بريطانيا" على النحو التالي:

الخروج من الاتحاد الأوروبي: منذ الاستفتاء على الخروج أو البقاء في الاتحاد الاوروبي بدأ الاستثمار الخارجي يجف بسبب حالة عدم اليقين.. قبل ذلك جذبت بريطانيا استثمارات أوروبية وآسيوية من شركات يابانية وصينية، ولندن كانت مركزاً عالمياً للمال والأعمال وسوق مالية هامة تضاهي نيويورك وشنغهاي وطوكيو.

  • خسرت بريطانيا أهم شريك تجاري في العالم وهو الاتحاد الأوروبي (..).
  • ارتفعت المديونية الوطنية لمستويات مرتفعة وقياسية (..).

وتحدث إسماعيل في الوقت نفسه عن الإشكالات التي واجهتها معدلات النمو في بريطانيا في عهد المحافظين (..) لافتاً إلى أنه من أهم عناوين أجندة حزب العمال هو تحقيق نمو اقتصادي، فبدون نمو اقتصادي سيكون من الصعب تمويل الخدمات العامة من صحة وتعليم دون فرض ضرائب إضافية.