+A
A-

"الخطوة الأولى قد تحدد في بعض الأحيان وجهة الطريق"

السينما لا تعجز عن تكثيف اللحظة الشعورية، وصارت ملجأ للإنسان المعاصر وتعيد قراءة الواقع من جديد واكتشاف الحياة نفسها بوضعها تحت بقعة ضوء.
لكل فيلم حكاية، والإرادة القوية تذلل الصعاب، ولا شيء يعترض العزيمة الجبارة، وسر النجاح كما يراه المخرج صلاح أبوسيف، أنه كلما فكر الكاتب الذي يكتب للسينما لأول مرة في ان الكلمات التي يصوغها في حجرته الصغيرة ستسمعها الملايين، اهتزت نفسه من نشوة الفرح، وأحس في نفس الوقت بمسئوليته وجاهد أن تكون كتابته جيدة، قدر استطاعته، ولكن مجرد الرغبة في كتابة فيلم جيد ليست بكافية. ولو كانت الكتابة الجيدة سهلة لزاد عدد الأفلام الجيدة. وليذكر الناصحون من الأصدقاء والنقاد - على السواء - وليذكر المتفرجون الذين يخرجون من دور السينما وفي نفوسهم شعور بخيبة الأمل، أن كتابة فيلم جيد أمر أصعب مما يبدو من ظاهر الأمر. فمن ناحية توجد الصعوبات الكبيرة لأننا نبني صناعة كاملة لا تعتمد على الآلة بل على الإنسان ومن ناحية أخرى يوجد ذلك الجهاز الفني المعقد الذي يسيطر على إلهام الكتاب وأمزجة المخرجين والممثلين. ومن ناحية ثالثة يوجد فرق كبير بين الرغبة في الخلق الفني عند الرسام أو الشاعر وبين الآلات المعقدة التي لا غنى عنها في عملية صناعة الفيلم. لذلك يصعب جدا الإبقاء على الإلهام الأول للفيلم والتغلب في نفس الوقت على هذه العقبات الحرفية، ولكن العقبة الكبرى تكمن في أننا حتى الآن لم نتفق جميعا على ما هو الفيلم الجيد، فالمنتج يعتبر الفيلم جيدا إذا نجح، أي إذا كسب مالا كثيرا، أما نقاد السينما فإنهم يقصرون تقديرهم على ما في الفيلم المنتج من ميزات وصفات، أما الجمهور والمتفرج فإنه كثيرا ما يفاجئ المنتجين والنقاد بحكمه الخاص على ما يعتبره جيدا أو رديئا.

وراء الفيلم الروائي البحريني "الحاجز" حكاية أوصلته إلى أوسع نطاق خليجيا وعالميا، ففي كتيب الفيلم تصريحان للمخرج بسام الذوادي، والمؤلف أمين صالح، متعلقان برؤية التحدي والتطلع الدائم إلى النجاح والمغامرة، ربما لم يلتفت إليهما أحد واعتبرهما مقتطفات أو شهادة ستنالها عناكب الذبول سريعا، ولكنهما في الحقيقة عبارة عن الخط البياني للصعود نحو النجاح والبطولات والعطاء الذي يتسم بالجودة والمتانة. تصريحان أشبه بوجه المستقبل للإنتاج السينمائي في مملكة البحرين، من أول الطقوس وآخرها.

كتب المنتج والمخرج بسام الذوادي:
"الآن وبعد أن تحقق الحلم، ها أنا أقف أمام هذه الصناعة الجبارة، ويتراءى أمامي بوضوح ذلك السؤال الصعب، هل أنا مخطئ… أم على صواب؟".
وكتب أمين صالح:
"انها التجربة الأولى بالنسبة لنا جميعا، في تحقيق فيلم روائي طويل. الكثيرون قالوا انها مغامرة، مجازفة، جنون. لكننا كنا نقول:
انه الحلم الجميل، الجنون الصديق، والمغامرة المضيئة.
بالأدوات والإمكانيات المتاحة، واعتمادا على العناصر الفنية المحلية وحدها، نقدم هذه التجربة التي نعتبرها نقطة انطلاق نحو سينما بحرينية. وسواء فشلنا أم نجحنا، فإننا نخطو الخطوة الأولى نحو تجارب أكثر عمقا وأكثر إشراقا".
لنطرح السؤال التالي... فيلم الحاجز، ماذا أعطى والى أي شيء أدى، وماذا كان مصير التجربة نفسها في المرحلة الحالية، وماهي آفاقها؟
في الواقع إن فيلم الحاجز عندي كصحافي ومهتم بالسينما انطلق من نقطة مختلفة تماما عن المفهوم المتعارف، ونقطة البداية في حياة كل مبدع وكاتب جديرة بالاهتمام، فهي الخطوة الأولى التي قد تحدد في بعض الأحيان وجهة الطريق، والمثابرة تكبر وتكبر بصورة حازمة تتحدى الصعاب والعراقيل، والمغامرة هي الكفيل الوحيد لتأمين الاستمرار والتجدد.