العدد 5727
الأربعاء 19 يونيو 2024
banner
الخروج من الباب الكبير
الأربعاء 19 يونيو 2024

كلما تسرع الشعراء الشباب في اعتلاء المنصات وإصدار الدواوين واحدا تلو الآخر، كلما التفت خيوط الحياة البائسة عليهم وضاعوا في المتاهات وسقطوا في حفر وسيعة الفوهات، فليست كل قصيدة محبوسة في الأدراج تستحق النشر في ديوان، والمسألة ليست تعاملا سريعا آنيا أو سباقا على دور النشر التي لا تهتم أصلا بالنماذج الشعرية المتقدمة بقدر اهتمامها بالربح المادي، وفي بعض الأحيان دعم التخلف والانحطاط والأعمال المفككة والهامدة.

بعض الشعراء الشباب - كما قال أحد الأساتذة - لديهم القدرة بالتأكيد، لكن ينقصهم الوعي الذي يستند إلى التاريخ الموغل في العطاء والتجارب، بمعنى آخر ان شاعرنا الشاب سريع الإنتاج، أي فنان يحتاج إلى أن يصقل تجربته ويحتاج إلى عمق ثقافي، ما لم يكن لديه هذا العمق الثقافي لا يستطيع أن يقدم شيئا - نحن جميعا نحس أن لدينا شيئا نريد أن نقوله لكننا نختلف في أن فلانا يعتمد على قدرة ثقافية يستطيع بها أن يصقل هذا الشيء ومن ثم يقدمه شهيا ناجحا.

ما يؤخذ على بعض الشعراء الشباب أنهم سريعو الإنتاج، أنهم يريدون أن يكتبوا كيفما اتفق، ويريدون أن يسمعوا آراء الناس عنهم. حقل الفن يحتاج إلى روية، ويحتاج إلى صبر، ليس صبرا وروية أخلاقية، إنما ثقافية، إذا استطاع الشاعر الشاب أن يسلح نفسه بالوعي الثقافي. بالتأكيد لدى الشباب ولدى عصرهم المبررات الكثيرة بأن يضيفوا على تجربة الشعر، أما الاستعجال في إصدار الدواوين – أحدهم أنجز في سنة واحدة ثلاثة دواوين – والابتعاد عن قوانين الإبداع والتذوق، فهذه طامة كبرى ستؤدي بصاحبها إلى الخروج من الباب الكبير وهو يضمد جراح الخيبة والفشل.

- كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية