العدد 5728
الخميس 20 يونيو 2024
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
في ذكرى الهزيمة (2).. ارتطام الأمة بحقائق العصر
الخميس 20 يونيو 2024

يصف البعض هزيمة 1967م بأنها مجرد هزيمة عسكرية، تم تداركها في حرب الاستنزاف وفي حرب أكتوبر 1973م التي شكلت انتصارا عسكريا، وبالتالي لا داعي لتعميم فكرة الهزيمة على المسار العام للحياة العربية المعاصرة. ويواجه هذا الاستنتاج وقائع عديدة على الأرض، تأكدت قبل تلك اللحظة، من ذلك ما رصده الدكتور محمد جابر الأنصاري في كتابه (مساءلة الهزيمة)، بالتوقف عند أربع مسائل مهدت للهزيمة، وتداعياتها الكارثية على العرب:
أولا: نُذر الهزيمة ومؤشراتها كانت واضحة فيما أثاره عدد من المفكرين العرب قبل الهزيمة، مثل: نجيب محفوظ، وخليل حاوي، وأمل دنقل، وعبدالله القصيمي، وغيرهم، حول ارتطام العرب بحقائق العصر، وعجزهم عن مواجهتها، فضلا عن تغلغل الديكتاتورية التي أدت إلى عدم الإنصات إلى تلك الأصوات، ومثلما يقول القصيمي: (.. أبشع ما في الديكتاتورية، أنها تحول المجتمع إلى قطعان)، وهذا ما حدث فعليا. ثانيا: المأزق  التاريخي العربي على صعيد الوعي والواقع، فإذا كان التخلف كارثة، فالكارثة الأعظم ألا يكون هناك وعي بذلك التخلف. ثالثا: الحسم المؤجل أمام استحقاق التاريخ، ممثلا في أزمة التوفيقية الناصرية، حيث أدت هذه النزعة إلى الاستقطاب في السلطة بين اليمين واليسار، فنظراً للحرص على التوفيق بين المصالح الاجتماعية المتعارضة، ثم التوليف بين الاتجاهات الفكرية المعبرة عنها، ما أفضى إلى حالة من الهشاشة والاستقطاب وعدم الحسم في كل شيء تقريبا. وظلت جدلية الدين والعقل، والعقل والإيمان، والدين والدولة، والأصالة والمعاصرة، النظرة إلى الغرب، والقومية واللاقومية.. من أبرز الثنائيات التي أشار إليها الأنصاري وقادت إلى صراعات حادة ودموية في بعض الأحيان وإلى مواقف اجتثاثية، ممثلا على ذلك بنماذج من المفكرين والسياسيين الذين  عبروا عن ذلك المأزق قبل الوصول إلى لحظة الهزيمة العسكرية، فجميعها مقدمات هيأت لها. بما يؤكد أنها ليست عسكرية فحسب، إنما هي هزيمة حضارية شاملة. رابعا: السباق الأميركي السوفييتي للإيقاع بعبدالناصر، حيث حدث نوع من التوافق غير المقصود بين الأميركان والسوفيات، حول أن الحركة الناصرية ـ ولأسباب مختلفة ـ تشكل عائقاً أمام مصالح القوتين العظميين، ولذلك وجب ضربها. وللحديث صلة.
*كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .