العدد 5731
الأحد 23 يونيو 2024
banner
مكافحة خطاب الكراهية
الأحد 23 يونيو 2024

يؤثر خطاب الكراهية على بناء المجتمعات، ومسيرة الدول، وحياة الإنسان، حيث يَزرع الانقسام، ويُحرض على العُنف، ويَهدم كل القيم والمبادئ التي تقوم وتتأسس عليها الدول، ويبعد عن الإنسان والدول قِيَم الحق والخير والفضيلة، ويبعدهم عن أجواء المحبة والتسامح وكل المشاعر الإنسانية النبيلة، ويقتل فيهم الإحساس بالهوية الإنسانية الجامعة، ويستنزف منهم القيمة الجوهرية للدين، ويسد عنهم أبواب الحوار. ويحق الإنسان أن يختلف مع غيره أو ينتقد آراءه وأفكاره، لكن ليس من حقه أن يجعل الاختلاف ذريعة للكراهية. وقد استفاد خطاب الكراهية من الثورة الرقمية، وتم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشره وتضخيم محتواه بشكلٍ أدى إلى الانقسام والتفرقة بين الناس والدول.

يُعتبر هذا الخطاب خللا عارضا ينتهي بزواله، ويزول بانتشار قِيَم التسامح وثقافة ومبادئ التعايش مع الآخر، واحترام حقه وحريته ومعتقده الديني والمذهبي ورأيه الفكري. وبذلك يستطيع الإنسان مواجهة الكراهية ويكافح خطابها، وتحويل العلاقة الإنسانية إلى فضاء متسع من المحبة والوئام، وعلى الدول أن تقوم بترسيخ هذه القِيَم كخطوة مهمة في تثبيت السِلم الاجتماعي من أجل تعزيز المشترك الإنساني وصد التعصب والكراهية.

فنزاعات اليوم والحروب الأهلية والعدوانية من أوجه خطاب الكراهية الموجه ضد الأقليات والمهاجرين واللاجئين والنساء والأطفال، وضد الدول وشعوبها. فهو يؤجج التحيز والتمييز، ويُهيئ بيئة للعُنف، ويتفاقم في سياق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ويشتد وطيسه بسبب الأزمات الجديدة والأزمات التي طال أمدها في مناطق مختلفة فيتعثر أمنها ويطول أمد اضطرابها.

يحتاج الإنسان والمجتمعات لطرق وأساليب متزنة وجادة لمواجهة تصاعد الكراهية، ولمناهج التربية والتعليم والإعلام وتوفر المناخ الثقافي وتجديد الخطاب الديني ونشر ثقافة قبول الآخر وغرس قيم العيش المشترك والتماسك الاجتماعي، جميعها تساهم في تصفية خطاب الكراهية وترسيخ معالم الوحدة الوطنية والإنسانية وإرساء العدالة وجعلها أرضية للبذل والعطاء المشترك بين الأمم والأفراد. إن عقلنة العلاقات الإنسانية من المهمات الحضارية، وهذه تتطلب لغة حضارية مع الآخر، لغة تتفكك فيها الكراهية وترسي الأسس للمجتمعات قوامها الديمقراطية والعدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان وسيادة الدول. إن احتفاء العالم باليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية هدفه مكافحة الكراهية واستئصالها، وهي مسؤولية جماعية مشتركة للدولة والأفراد ومؤسسات المجتمع المدني وكل الهيئات الأخرى. إن وجود قانون عالمي لمكافحة خطاب الكراهية يعمل على القضاء عليه في كل المجتمعات وردم مسبباته، وهذا القانون سيحمي المجتمعات ويحافظ على السلم والأمن العالمي.

- كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية