العدد 5732
الإثنين 24 يونيو 2024
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
مساءلة الهزيمة (3).. وعي التخلف أو تخلف الوعي؟
الإثنين 24 يونيو 2024

عقب أحد الأصدقاء من الكتاب المحترمين على المقالتين السابقتين حول موضوع “مساءلة الهزيمة” من منظور الدكتور محمد جابر الأنصاري، واللتين أشرت فيهما إلى أن هزيمة 1967م لم تكن فقط هزيمة عسكرية ناجمة عن نقص في السلاح أو سوء الخطط العسكرية أو ضعف التكتيكات في ميدان المعركة فحسب، بل كانت الهزيمة العسكرية مؤشرا على هزيمة تشمل السياسة والمجتمع والاقتصاد والفكر، إضافة إلى التآمر الخارجي.

ويصـرُّ الصديق على أنها “مجرد هزيمة عسكرية فقط. فهناك - في نظره - سبب جوهري لذلك وهو التفاوت في القدرات العسكرية، فللاحتلال الإسرائيلي جيش عصري وقوي مسنود من القوى العظمى، وقوتنا العسكرية العربية كانت حينها ضعيفة تفتقر إلى التقنيات المتقدمة ولذلك تكالبت علينا الأمم الأخرى”.

قلت للصديق: لا نختلف على أن من بين أسباب الهزيمة يأتي السبب العسكري في المقدمة، من حيث ضعف التسليح والخطط والتكتيكات العسكرية، ولكنني أرى أيضا أن نذر الهزيمة العسكرية بدأت قبل العام 1967م بفترة ليست قصيرة. فقد تظافرت عوامل عديدة داخلية وخارجية لتمهد لتلك الكارثة. وهذا القول لا تحقير فيه لحضارتنا العربية - الإسلامية، كما قد يُفهم من تعقيبك، إنما يقوم على مقارنة بين نظرة جزئية في التحليل وأخرى شمولية. فالديكتاتورية السياسية سبب والتخلف المجتمعي والفساد الإداري وضعف خطط التنمية وفشلها وغياب الوعي بالتخلف.. أسباب أخرى مهمة. ولذلك من الضروري أن نعي وضعنا وحقيقة مشاكلنا بما في ذلك وعي التخلف كمقدمة للخروج من تخلف الوعي.. بحسب تعبير الأنصاري، إن العلل العربية الفكرية والسياسية والتنموية عديدة، والخطاب العربي لا يزال يردد المقولات العاطفية الوجدانية البعيدة عن مقتضيات الواقعية والعقلانية في السياسة وفي التنمية معا.

فبالرغم من الكوارث والنكوص عن الثوابت والتراجعات الدراماتيكية في حياتنا العربية نستمر إلى اليوم في حجب الحقائق بالشعارات والتمنيات في ظل واقع مهترئ وهزيل وسخيف، لذلك نحن بأمس الحاجة إلى المراجعة الجدية من أجل التجاوز، لأننا – كما يبدو من التاريخ السياسي الحديث للعرب - لا نحب المراجعة ونرفض الاعتراف بالخطأ، مفضلين عن ذلك تكرار الأخطاء.. وللحديث صلة.

- كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية