يعتبر علم السلوك البشري من أبرز العلوم الإنسانية، حيث أسهم بشكل كبير في تحليل أنماط السلوك والعوامل التي تؤثر على تشكيل السلوك وتسهم في حدوث التغيير وفقا للظروف والمتغيرات التي يتعرض لها الفرد خلال مسيرة حياته ووسط تفاعلاته الديناميكية مع الآخرين.
كما أن ملاحظة السلوكيات مهمة لأنها تسهم في بناء الظواهر ودراستها وفق قواعد البحث العلمي والتحليل من أجل الوصول لنتائج مفسرة للسلوك، فيا ترى هل صادفت أشخاصا في حياتك يحبون تقديم النصائح لك بسبب وبلا سبب؟ حيث إن للنصيحة قواعد أثناء تقديمها، خصوصا عندما يتم طلبها، ولكن ماذا لو لم تطلب النصيحة وقابلك أشخاص يحبون استعراض مصطلحاتهم اللغوية وإفادتك من خبرة حياتهم التي قد لا تكون أنت مقتنعا فيها.
رائعة تلك المشاركة التي تجمعنا مع الناس في الحديث عن خبراتنا الحياتية من باب تبادل التجارب والاستفادة من المحطات الخاضعة للتجربة، لكن الملفت للنظر هو ظهور هوس تقديم النصائح للآخرين من قبل بعض الأشخاص، حتى لو لم يكن صاحب تجربة أو خبرة حياتية، حيث يجد البعض أن نصيحة الآخرين تساهم في ردم فجوات الذات وزيادة تعزيز الثقة بالنفس والشعور بالأهمية كما قد يظهر فيها شعور بالقوة والاستعلاء أحياناً مقابل النظر للشخص المستمع على أنه شخص ضعيف.
كنا نستمع للنصائح في ذاك الزمان من شيخ الدين والمرشد والمعلم والطبيب النفسي، وهم أهل النصيحة بحقيقة واقع المهنة أو الدراسة أو الدور المجتمعي الذي يؤدونه، أما اليوم اختلفت معايير من يقدم النصيحة، ما خلق نوعا من الضبابية في موضوع النصيحة، فأنت لا تدري هل هذه النصيحة تعبر عن عقد النقص الداخلية والرغبة في التأثير المزيف أم أنها نصيحة محب.

كاتبة وأخصائية نفسية بحرينية