العدد 5734
الأربعاء 26 يونيو 2024
سكن العزاب يسلب الأحياء جمالها وذكرياتها وطفولة أبنائها
الأربعاء 26 يونيو 2024

إذا كان الزمن يسلب الذات ممكناتها بالتدرج، فإن “سكن العزاب” يسلب الأحياء جمالها وذكرياتها وطفولة أبنائها ويشعرهم دوما بالحسرة، وليست هذه الحسرة إلا مسمارا في آلة كبيرة، فهؤلاء العزاب منتشرون في الأحياء كقشرة الأرض التي تخفي تحتها البراكين!
نفتح أبوابنا ونوافذنا ونشاهد مجموعات من الجالية الآسيوية، تسير ونحن كأهالي المنطقة نقف ما بين الهزيمة والاستسلام، والمشكلة التي يستغلها المحنكون تكمن في قيام أصحاب المنازل بتأجيرها على العزاب بأبسط مستويات النفس، وقبل أيام حدثني جاري برغبته في تأجير المنزل على آسيويين، بعد وفاة والدته، فالمنزل أصبح مهجورا ولابد من الاستفادة منه. كان يحدثني وهو أشبه بالبطل الذي لا يستطيع التنازل من أجل هذه الحاجات، ولكنني بادلته العمل البطولي ببساطة وسهولة وقلت له.. إياك أن تؤجر المنزل على “عزاب”. فمنزلي ملاصق لمنزلكم ولا مجال للخروج عن المألوف، يكفينا ما فعله بعض الجيران “الله يسامحهم” حينما أغرقوا “الفريج” بالآسيويين العزاب بتأجير منازلهم ونظروا إلينا نظرة لا مبالاة لأننا وعلى حسب تقديرهم سنستسلم للحاضر دون أن تكون لهم علاقة بالأمر.
لقد عطل الجار ملكية التفكير عندي حينما تحدث عن الرغبة في تأجير منزلهم على الآسيويين، وضعفت صلات الاحترام، وما بين الاحتجاج والاقتصار على عدد محدود من الأسباب، قلت له وكأنني أبدأ من جديد.. إذا فكرت في تأجيره، فيفضل أن تؤجره على عائلة، وعلينا أن نوقف هذا الخطر الذي يهدد كيان أحيائنا والمتمثل في العزاب الآسيويين، فأنت ستتحمل المسؤولية الكاملة.
لا أعرف من أين جاء هذا المنهج الجديد على مجتمعنا، فكل عائلة تنتقل إلى منزل جديد آخر، تؤجر منزلها القديم على أي كان حتى لو كانوا عزابا، حيث يفرون من مسؤوليتهم أمام الجيران.. ما هذه المفارقة والتناقض في حياتنا.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية