العدد 5734
الأربعاء 26 يونيو 2024
ازدواجية الجمعيات.. إلى متى؟
الأربعاء 26 يونيو 2024

تشكل الجمعيات الخيرية والأهلية في مملكة البحرين جزءًا مهمًا من المجتمع، حيث تلعب دورًا كبيرًا ومحورياً في تقديم المساعدات الإنسانية والاجتماعية، ومع ذلك، فإن وجود عدد كبير من هذه الجمعيات قد يؤدي إلى الكثير من السلبيات، ومن أبرز تلك السلبيات التكرار والازدواجية في العمل، حيث إن عدة جمعيات تقوم بتقديم نفس الخدمات لنفس الفئة من المستفيدين، ما يؤدي إلى هدر الموارد وتكرار الجهود وعدم الاستفادة المثلى من الموارد المتاحة. كما أن ضعف التنسيق والتعاون بين الجمعيات قد يؤدي إلى نقص في التناغم والتكامل بين الأنشطة المختلفة، وهذا يمكن أن يسبب فجوات في الخدمة أو تداخلا غير مرغوب فيه بين الجمعيات نفسها. بالإضافة إلى التنافس غير الصحي للحصول على التمويل والدعم الذي يدفع بعض الجمعيات إلى التركيز على الكم بدلاً من الكيف، ما يؤثر على جودة الخدمات المقدمة.
أما فيما يخص التحديات الإدارية والرقابية فإن زيادة عدد الجمعيات تعني عبئا إضافيًا على الجهات الرقابية والإشرافية لضمان الامتثال للمعايير والقوانين، ما يؤدي إلى صعوبة في مراقبة الأداء وضمان الشفافية، ناهيك عن تشتت الإمكانات، حيث يؤدي إلى تشتت الجهود والموارد المالية والبشرية، ويمنع تركيز الجهود على مشروعات أكثر أهمية واستدامة. وقد تواجه بعض الجمعيات صعوبة في الحصول على الكفاءات والكوادر المدربة، ما يؤثر على جودة الأداء والقدرة على تحقيق الأهداف بفعالية، كما يمكن أن يؤدي إلى تنافس شديد على مصادر التمويل المحدودة، وقد يقلل فرصة كل جمعية في الحصول على الدعم اللازم لتنفيذ مشاريعها. أعتذر عن الإطالة في سرد هذه الملاحظات والتحفظات لوضعنا الحالي فيما يخص عدد الجمعيات المبالغ فيه! وما أثار حفيظتي وجعلني أكتب هذا المقال الإعلان الذي صدر مؤخرا بإشهار وزارة التنمية الاجتماعية جمعية جديدة اسمها “خبرة”، وتهدف إلى الدفاع عن حقوق المتقاعدين والحفاظ على مكتسباتهم ومصالحهم.

ومنذ الوهلة الأولى من إشهار الجمعية، اعتقدت كما ذكرت آنفاً أن ذلك سيشكل تنافسا غير صحي البتة، شخصيا لا تربطني أية علاقة من قريب أو بعيد بمؤسسي هذه الجمعية الجديدة، ولا حتى جمعية الحكمة للمتقاعدين، والذين سارعوا بعد إشهار هذه الجمعية الجديدة بإصدار بيان فيه بعض العبارات التي توحي بعدم رضاهم أو تقبلهم القرار! وأوضح البيان أن ذلك سيشعل منافسة في تمثيل المتقاعدين، بالرغم من تأكيدهم أن قرار إصدار التراخيص ليس من اختصاصهم، منوهين بأنهم يرفعون شعار “البقاء للأفضل”!
شخصياً، كنت أتمنى إصدار هذا البيان الذي لا يضيف شيئا، بل على العكس، فإنه سيترك علامة استفهام للجمعية الحالية التي لها تاريخ طويل وحافل فيما يخص الدفاع عن مكتسبات المتقاعدين وصون حقوقهم، وتقديم امتيازات وخدمات وتنظيم برامج اجتماعية ورياضية وصحية وسياحية.
وإذا أردنا التطرق إلى ازدواجية الجمعيات فهي كبيرة، وسبق أن تطرقنا إلى هذا الموضوع في مقالات سابقة. قد يقول البعض إن وجود أكثر من جمعية في نفس المجال سيخلق نوعا من التنافسية لتقديم الأفضل في الجودة ونوعية الخدمات. من وجهة نظري الشخصية، وعلى الرغم من أن القانون يسمح بتعدد الجمعيات، إلا أن ذلك لا يخلق أو يضيف شيئا من الجودة والأفضلية، لأنه بكل بساطة إمكانياتها متواضعة، والمؤسسات الخاصة لا تقدم أية امتيازات للمتقاعدين! ناهيك عن وضعها القانوني وعدم مقدرتها على التفاوض مع الحكومة لتقديم أية خدمات وتسهيلات للمتقاعدين !وكما ذكرت سابقا وجود أكثر من جمعية تعمل في نفس المجال لا يضيف شيئا. التنافسية في العمل التجاري أمر متفق عليه، بل من الضروري تعدد المؤسسات والشركات والمحلات والخدمات بجميع أنواعها.
ولمن حسن الطالع أن تتزامن كتابتي هذا المقال مع صدور توجيهات من لدن جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه بتحويل جميع الميزانيات المخصصة من قبل الجهات الرسمية للاحتفالات باليوبيل الفضي لتسلم جلالته مقاليد الحكم إلى الجمعيات والصناديق الخيرية من خلال المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية من أجل تعزيز مبادئ الشراكة المجتمعية.
لا شك أن هذه التوجيهات الملكية الكريمة خطوة مهمة نحو تعزيز دور هذه الجمعيات والصناديق الخيرية للقيام بدورها في خدمة المجتمع البحريني بشكل أفضل من خلال ضخها بالميزانيات اللازمة لتحقيق أهدافها التنموية والاجتماعية.
داعياً الله عز وجل أن يديم على هذا الوطن الغالي نعمة الأمن والأمان ويحفظ قيادته من كل سوء.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .