العدد 5736
الجمعة 28 يونيو 2024
banner
حلم أسود يسقط على حياتي.. لتغفو جميع الأمنيات
الجمعة 28 يونيو 2024

ما معنى أن يعيش الكاتب والأديب في عزلة عن عصره، ويشترط للعيش فيه توافر سلاحين هما.. لا للكذب ولا للخداع، الشاعر العظيم "شللي" أغلق كتابه وتمدد على العشب الدافئ المزدان بالورود، وشرع يتأمل في بؤس الإنسان ويقول.. لماذا لا ينذر البشر حياتهم للجمال والتسامح، والشاعر جاك بريفر ورغم أنه كان ساخراً، بل شديد السخرية، وجارحاً، يكتب بلغة السكين التي تعري ما تحت الجلد، فإنه لم يكن يكره، كل ما في الأمر أنه كان يريد عالماً نظيفاً، لا ازدواج فيه، لا كذب ولا نفاق، كان يريد للإنسان أن يعيش بلا أقنعة، يحيا كما يفكر، ويكتب كما يحيا ويفكر. وهكذا كان، فلم تكن له لغتان، لغة يحكي بها، وأخرى للشعر "كما يفعل الآخرون"، كانت لغته واحدة، في الشعر هي نفسها في التفكير، هي نفسها في حياته اليومية.

أمثال هؤلاء الكتاب والشعراء الذين يحلمون بعالم مثالي خال من الخديعة والكذب، تكون حياتهم مثل أغنية الشتاء الرتيبة وصوت الندب الجنائزي، يسقطون باستمرار ويتأوهون بصوت عال، لأنهم وقفوا ضد قوانين وأسرار الحياة على المستوى الفكري والنظري، لهذا نرى حياتهم زاخرة بالتساؤل والصراع والتوتر، ويعيشون على الأماني والأشواق، وأحدهم وهذا ليس سرا والدنا محمد الماجد رحمه الله، والذي كانت تنطبق عليه مقولة "فيرلان".. حلم أسود يسقط على حياتي، لتغفو جميع الأمنيات، لتغفو جميع الرغبات، كانت تركيبته رحمه الله تركيبة فريدة تختلف عن الأصناف البشرية، تماما كالآخرين الذين يحلمون بالعالم المثالي الجميل والخير.. لكن للأسف خاب ظنهم وتقدمت خطوتهم باتجاه الموت وظل العالم كما هو، خراب وكذب وخديعة.

*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية