+A
A-

كيف تؤثر "أزمة الكهرباء" على سوق المولدات حول العالم؟

تعاني عديد من دول العالم من أزمات انقطاع التيار الكهربائي المتكررة، خاصة في فصل الصيف عندما ترتفع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية. فيما تؤدي هذه الأزمات إلى تعطيل الحياة اليومية وتؤثر بشكل كبير على الأنشطة الاقتصادية والخدمات الحيوية مثل الرعاية الصحية والتعليم.

وفي ظل هذه الظروف، يتجه الكثير من الأفراد والشركات إلى البحث عن حلول بديلة لضمان استمرارية التيار الكهربائي وتجنب الأضرار الناتجة عن الانقطاعات المتكررة.

واحدة من أبرز الحلول التي شهدت طلباً متزايداً هي المولدات الكهربائية.

فقد أصبحت هذه الأجهزة ضرورة في عديد من المناطق المتضررة من انقطاع التيار الكهربائي، حيث توفر مصدراً موثوقاً للطاقة يمكن الاعتماد عليه في أوقات الحاجة.

ويعتبر هذا الطلب المتزايد على المولدات فرصة كبيرة لنمو السوق، حيث يسعى المصنعون لتلبية الاحتياجات المتزايدة وتطوير تقنيات جديدة تزيد من كفاءة واستدامة هذه الأجهزة.

ومن ناحية أخرى، يؤثر هذا النمو في سوق المولدات الكهربائية على الاقتصاد بطرق متعددة، إذ يؤدي زيادة الطلب إلى توسع الصناعة وخلق فرص عمل جديدة في مجال التصنيع والصيانة والتوزيع.

حجم السوق

وبلغت قيمة سوق المولدات الكهربائية العالمية 28.5 مليار دولار في العام 2022، ومن المتوقع أن تصل إلى حوالي 53.95 مليار دولار بحلول العام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 6.59 بالمئة بين عامي 2023 و2032، بحسب تقرير Precedence Research.

سوق المولدات الكهربائية هي السوق العالمية للأجهزة التي تحول الطاقة الميكانيكية إلى طاقة كهربائية.

تولد هذه المولدات الكهرباء في تطبيقات مختلفة، من الاستخدامات الصناعية والتجارية إلى حلول الطاقة المنزلية والمحمولة.

تحول المولدات الكهربائية الطاقة الميكانيكية، مثل القوة الدورانية التي تنتجها التوربينات أو المحركات، إلى طاقة كهربائية من خلال الحث الكهرومغناطيسي. يمكن بعد ذلك استخدام الكهرباء الناتجة لتشغيل الأجهزة والأنظمة الكهربائية.

ووفق التقرير المشار إليه، فإن ثمة عوامل مختلفة، بما في ذلك الطلب المتزايد على إمدادات الطاقة الموثوقة والمتواصلة في مختلف الصناعات، والتبني المتزايد لمصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية ، والحاجة إلى حلول الطاقة الاحتياطية في حالات الطوارئ، تدفع سوق المولدات الكهربائية.

كما تؤثر التطورات التكنولوجية المختلفة على السوق في تصميم المولدات والتركيز المتزايد على كفاءة الطاقة والاستدامة البيئية.

وفي ضوء ذلك، فمن المتوقع أن تنمو سوق المولدات الكهربائية مع زيادة الطلب على حلول إمدادات الطاقة الموثوقة والفعالة عبر مختلف الصناعات والتطبيقات.

علاوة على ذلك، فإن التحضر والتصنيع يدفعان الطلب على المولدات الكهربائية، وخاصة في البلدان النامية، في وقت تعمل فيه المولدات الكهربائية على تشغيل مختلف التطبيقات الصناعية والتجارية، بما في ذلك مواقع البناء والتنقيب عن النفط والغاز والتعدين.

كذلك فإن الحاجة المتزايدة لحلول الطاقة الاحتياطية في حالات الطوارئ، مثل الكوارث الطبيعية، تزيد الطلب على المولدات الكهربائية.

بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم المولدات الكهربائية أيضاً كمصدر أساسي للطاقة في المواقع النائية حيث لا تتوفر طاقة الشبكة. وبالتالي، فإن هذه العوامل تدفع الطلب على سوق المولدات الكهربائية.

تحديات

ومع ذلك، فمن المتوقع أن يؤدي ارتفاع تكاليف الاستثمار الأولي والصيانة والخدمة والتقلبات في أسعار الوقود إلى إعاقة نمو السوق، بحسب التقرير، الذي يشير إلى أنه يمكن أن يكون شراء وتركيب المولدات الكهربائية مكلفاً، خاصة بالنسبة للأنظمة الأكبر ذات إنتاج الطاقة الأعلى.

وهذا يمكن أن يحد من اعتمادها، خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة والتطبيقات السكنية (للأسر والأفراد).

وبالتالي، في حين أن سوق المولدات الكهربائية تتمتع بإمكانات كبيرة، فمن المهم مراعاة هذه القيود لضمان نمو السوق بشكل مستدام.

أميركا الشمالية تهيمن على السوق

ووفق تقرير Precedence Research، فإن أميركا الشمالية تهيمن على سوق المولدات الكهربائية، مدفوعة في المقام الأول بالتقدم التكنولوجي في تكنولوجيا المولدات، مثل تطوير مولدات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود وصديقة للبيئة، فضلاً عن الاستخدام المتزايد لأنظمة التحكم الرقمية والأتمتة.

كما تُعَد أوروبا سوقًا مهمة للمولدات الكهربائية، حيث تُعَد ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا من أكبر المساهمين في نمو السوق. ويؤدي التبني المتزايد لمصادر الطاقة المتجددة في أوروبا إلى زيادة الطلب على المولدات الكهربائية التي يمكن استخدامها كمصدر طاقة احتياطي لأنظمة الطاقة المتجددة. وينطبق هذا بشكل خاص على البلدان ذات المستويات العالية من توليد الطاقة المتجددة، مثل ألمانيا والدنمارك. كما أن الدول الأوروبية لديها بعض من أكثر لوائح الانبعاثات صرامة في العالم، ويستجيب مصنعو المولدات بتقنيات جديدة تقلل الانبعاثات وتحسن الكفاءة.

ومن المتوقع أن تشهد منطقة آسيا والمحيط الهادئ أعلى معدل نمو سنوي مركب. ويعود هذا النمو إلى الطلب المتزايد على إمدادات الطاقة الموثوقة والمتواصلة، والتصنيع السريع، وأنشطة البناء المتنامية في المنطقة. كما تسهم الحاجة المتزايدة إلى الطاقة الاحتياطية في مختلف الصناعات مثل الرعاية الصحية والاتصالات ومراكز البيانات في نمو سوق المولدات الكهربائية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

انتعاش تجارة المولدات

الباحث الاقتصادي، ياسين أحمد، أفاد في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، بأن أزمة الكهرباء التي تعاني منها عديد من الدول انعكست بصورة مباشرة على انتعاش تجارة المولدات الكهربائية بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة من قبل أصحاب المصانع والشركات والمنازل بسبب تكرار انقطاع التيار مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير.

وأضاف: أبرز العوامل التي دعمت زيادة معدلات الطلب على المولدات الكهربائية تتمثل في الحاجة لوجود كهرباء بديلة لضمان استمرار إمدادات الكهرباء دون توقف أثناء انقطاع التيار الكهربائي أو أثناء عملية تخفيف الأحمال فضلاً عن مسار انقطاع التيار الكهربائي نتيجة التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية والظروف التي تواجهها الدول الأكثر حرارة، وجميعها عوامل تعزز الطلب على المولدات الكهربائية، إذ أصبحت تستخدم كمصدر احتياطي للطاقة في حالات الطوارئ لتوفير الكهرباء.

وبالتالي ينظر قطاع عريض من الناس إلى أهمية المولدات الكهربائية والتي تستخدم كمصدر طاقة احتياطي لضمان استمرار إمدادات الطاقة دون انقطاع خلال فترات انخفاض توليد الكهرباء.

وعلى صعيد العوائد المتوقعة، أوضح أحمد أنه مع تزايد الطلب على سوق المولدات الكهربائية، من المتوقع نمو السوق بمعدل متسارع بسبب الإقبال الشديد على شراء المولدات الكهربائية والشاحنات والبطاريات، وبما قد يدعم السوق بنسبة نمو سنوي تصل إلى أكثر من 6 بالمئة وفق بعض التقديرات، التي تشير إلى أن احتمالية وصول سوق المولدات إلى ما يزيد عن 50 مليار دولار بحلول العام 2032.

زيادة الطلب

من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي، سيد خضر، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أنه في ضوء التحديات التى تصاحب أزمة انقطاع التيار الكهربائي حول العالم في فصل الصيف، فإن ذلك يعزز مجموعة من العوامل القائمة التي تدعم زيادة الطلب على سوق المولدات الكهربائية.

أضاف: أبرز تلك العوامل تتمثل في ارتفاع معدلات الطلب على الكهرباء، حيث شهد عديد من المناطق حول العالم زيادة في الطلب على الكهرباء بسبب النمو السكاني والاقتصادي، مما أدى إلى تفاقم أزمة التيار الكهربائي، وفي خط متوازٍ أيضاً مع تراجع موثوقية وكفاءة شبكات الكهرباء التقليدية في بعض المناطق، ذلك أن عديداً من البنى التحتية الكهربائية القديمة والمتهالكة لم تعد قادرة على تلبية الطلب المتزايد، مما زاد من الحاجة إلى المصادر البديلة مثل المولدات الكهربائية، مع الحاجة إلى استمرارية الخدمات الأساسية، لا سيما أن المنشآت الحيوية كالمستشفيات والمصانع والمرافق العامة تتطلب توفر الكهرباء بصورة مستمرة، ما عزز الطلب على المولدات الاحتياطية.

كذلك فإن ثمة عوامل مرتبطة بالتوجه نحو الكفاءة والاستدامة، مع التركيز المتزايد على خفض انبعاثات الكربون، وبالتالي هناك اهتمام بتطوير حلول توليد كهرباء أكثر كفاءة وصديقة للبيئة مثل المولدات الهجينة والكهربائية، وفق خضر.

وأشار إلى أن هذا الإقبال القوي الملحوظ في كثيرٍ من الأسواق على سوق المولدات الكهربائية سيؤدي إلى زيادة مبيعات وأرباح الشركات العاملة في هذا المجال مع تنامي فرص الاستثمار في البحث والتطوير لتحسين كفاءة وأداء المولدات، بالإضافة إلى توسيع الأعمال وزيادة الحصة السوقية للشركات الرائدة، وكذلك تعزيز الابتكار والتطور التكنولوجي في صناعة المولدات الكهربائية.

وبحسب خضر أيضاً، يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة الاستفادة من النمو المتوقع في سوق المولدات الكهربائية من خلال التخصص والتركيز على أنواع محددة من المنتجات، موضحاً أن الشركات الصغيرة لديها مرونة أكبر لتطوير منتجات مخصصة لقطاعات محددة، من خلال التركيز على تقديم حلول مبتكرة وذات قيمة مضافة عالية، وبالاستفادة من التكنولوجيا والابتكار واستغلال التطورات في التصنيع الرقمي والتكنولوجيا الخضراء، لتطوير منتجات ذكية وموفرة للطاقة.