العدد 5740
الثلاثاء 02 يوليو 2024
banner
الهدوء مقياس البطولة
الثلاثاء 02 يوليو 2024

كانت جدتي “عايشة” رحمها الله تتمتع بهدوء أعصاب، والهدوء عندها مقياس البطولة، وكانت تسمعنا على الدوام نصائح عن الهدوء ومقاومة الانفعال بذكر الله والصلاة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت أشطر من أطباء النفس في النصيحة والتدريب، رغم أنها لا تعرف القراءة والكتابة.
استعدت ذكريات جدتي بعد قراءة دراسة سويدية تفيد بأن الأشخاص الذين تستفزهم الحوادث المختلفة، حتى التافه منها، يتعرضون لأمراض جسدية قد تؤدي إلى الوفاة مع مرور الزمن، ومع أن الانفعالات تسبغ بهجة وتنوعا على حياتنا وتخفف تأزما في نفوسنا، إلا أن الإفراط في إظهارها أو التعبير عنها بإسراف، يستهلك طاقاتنا ويضر بصحتنا ويعكر صفاء التفكير، وقد يستنكر الإنسان ما ارتكبه عند هدوء ثورته إذا علم أن انفعاله قاده إلى ضرر لنفسه أو غيره، أو قد حجب عنه التفكير السليم والتصرف الصحيح. فقد يتغاضى الشخص الناضج عن إساءة الجاهل والمريض وغير المتعمد، وقد يكبر بعض الناس التوافه ويجعلون منها مشاكل معقدة، كل ذلك وفقا لما يقدرون لها من أهمية وضرر يصيبهم بصورة حسية أو معنوية.
ومن الحقائق المعروفة والمسلم بها أن هناك ارتباطا موجبا وتاما بين العديد من الحروب التي مرت على تاريخ البشرية وبين الانفعال وحالة الهياج التي تعتري الإنسان في لحظة، فقد غاصت أمم تحت التراب إلى الأبد بسبب انفعال زائد أو خوف مفرط بصورة حسية أو معنوية.
من الضروري أن يسيطر الفرد على انفعالاته قدر استطاعته، وأن يحاول تصريفها على حسب تقدير وإدراك، وإلا ستكون خسارته كبيرة وغير متوقعة، وصدق من قال علينا معاملة الحياة بالأسلوب الكوميدي والهادئ.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية