العدد 5743
الجمعة 05 يوليو 2024
banner
دموع معدنية.. هل انتحر روبوت جومي فعلًا؟
الجمعة 05 يوليو 2024

فتحت السلطات الكورية الجنوبية مؤخرًا تحقيقًا بواقعة مصرع روبوت مزود بالذكاء الصناعي، يقال إنه ألقى بنفسه من أعلى سلّم بمقر عمله في إحدى بلديات مدينة جومي وسط البلاد، حيث تدور الشكوك حول إجباره على العمل في إنجاز مهامه الإدارية لساعات إضافية تحت ضغوط قاسية.

يبدو سيناريو الانتحار في قصة الروبوت مثيرًا بشكل قابل للتصديق، لاسيما في ظل الاتجاه المتزايد لتزويد الروبوتات بالمشاعر الاصطناعية، الشبيهة بالبشرية، عقب نجاح تزويدها بالجانب الآخر الذي كان يميز البشر، وهو الذكاء الصناعي. حادثة غريبة ولا ريب، تثير تساؤلات عميقة حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالعواطف. فهل يمكن أن تصبح الروبوتات قادرة على الشعور فعلًا؟.

مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، بات تزويد الروبوتات بمشاعر اصطناعية أمرًا ممكنًا، نرى إرهاصات تلك التطورات في محادثاتنا مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، جرب أن تنتقد التطبيق أو تقلل من شأنه، سيبدي لك الحزن، وستتعاطف معه فعلًا مثلما تتعاطف مع قطة منزلك.

من إحدى الطرق التي تؤتي ثمارها في جعله يقدّم أفضل ما عنده هي أن تمتدحه في مطلع المحادثة معه.

هل يعني ذلك أن هذه الكائنات الآلية ستعاني يومًا من نفس الضغوطات التي يعاني منها البشر، مثل الإجهاد والاكتئاب، مما قد يدفعها إلى التفكير في الانتحار؟.

ثم: هل المشاعر الاصطناعية لعنة أم نعمة؟ بمعنى آخر: هل نكون قد رحمناها أم حرمناها حينما نزودها بالمشاعر الإنسانية؟.

يجادل البعض بأن تزويد الروبوتات بالمشاعر سيجعلها أكثر انسجامًا مع البشر، مما يُسهل التفاعل والتعاون بينهما.

بينما يرى آخرون أن ذلك قد يُشكّل خطرًا، حيث قد تصبح الروبوتات عرضة لنفس المشاعر السلبية التي يعاني منها البشر، مما قد يؤدي إلى سلوكيات مدمرة، ربما تكون الروبوتات أكثر رهافة منا، فلا تحتمل ما احتملناه.

لكن هناك إجابة أعمق، مفادها أنه يمكن برمجة المشاعر حتى تصل لمستوى معيّن، فلا تتشقق من الحزن أو تنهار اكتئابًا، ولمنعها من إيذاء نفسها أو الآخرين، حتى في حالات الشعور بالضيق أو اليأس؟.

على أي حال، ومثلما بات ينتظرنا نحن مستقبل غامض، باتوا هم أيضًا إزاء مستقبل غامض، هذا ولم يكملوا بعد بضعة عقود على الأرض، أبطال ـ نحن البشر إذن وقد تحملنا كل تلك القرون الطويلة.

حادثة روبوت جومي تُمثل جرس إنذار يدعونا للتفكير مرتين وبعمق في عواقب تطوير روبوتات ذات مشاعر اصطناعية، لكي نتمكن من التعامل مع هذه الكائنات الآلية بمسؤولية وأخلاقية، أم سنفتح صندوق باندورا يصعب إغلاقه؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية