العدد 5790
الأربعاء 21 أغسطس 2024
عباس وزيارة غزة
الأربعاء 21 أغسطس 2024

انطلقت جولة المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة بين حماس وإسرائيل من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وصفقة تبادل للأسرى، وذلك في إطار الجهود التي تبذلها الوساطة المشتركة بين دولة قطر وجمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأميركية لطي صفحة القتال، وفي إسطنبول أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس نيته زيارة غزة مع حكومته، في خطوة جادة وسياسية لدعم القطاع وتحريره وفك الحصار ووقف الحرب بعد زيارة لموسكو، وخطاب يعد دعماً سياسياً ومعنويا لأهالي غزة، خطاب هز قاعة البرلمان التركي الذي صفق له بقوة، ليكون بداية حقيقية لوضع النقاط على الحروف، أمام أميركا وإسرائيل، والعالم أجمع، فالتهميش المستمر من قبل الإدارة الأميركية لهذه الحرب ودعمها إسرائيل بالمال والسلاح، جعل الرئيس عباس يعلنها صراحة بنيته الذهاب للدفاع عن شعبه في غزة، والأيام المقبلة ستبدي لنا ما لا نرى وما لا نعرف عن هذه الزيارة التاريخية إن تحققت.
فالسنوات تمر على القضية لتحرير فلسطين من الاجتياح الإسرائيلي والعصابات الصهيونية التي تجمعت للاستيطان في أرض فلسطين لتكون أرضا للدولة اليهودية، واليوم ظلت القضية محلها، وحل الدولتين في خبر كان، رغم تواصل الجهود الدبلوماسية القطرية المصرية لمواكبة التطورات الخطيرة في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة وإيجاد حل للحرب الأخيرة، والتأكيد على ضرورة التهدئة وخفض التصعيد في المنطقة، فالمواقف السياسية العربية، والتحركات الدبلوماسية، والمحادثات الأخيرة لم تصل لحلول جذرية أو اتفاق نهائي لأن الولايات المتحدة الأميركية تميل للجانب الإسرائيلي ومقترحاته وشروطه، وحرب الإبادة الجماعية مستمرة لأكثر من عشرة أشهر، والتي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، والتي تجاوزت حصيلة ضحاياها 40 ألف شهيد، أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء، بجانب أكثر من 100 ألف جريح. 

ومع هذا الوضع المأساوي الذي وصل إليه الحال في الأراضي الفلسطينية، أعلن الرئيس الفلسطيني عزمه الذهاب لغزة، مع أننا نأمل أن يكون هناك رؤساء دول معه في هذه الزيارة لوقف الحرب ودفع الأطراف إلى التوصل لاتفاق لوقف فوري لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن وعن الأسرى الفلسطينيين، والسماح بانسياب المساعدات الإنسانية والإغاثية بلا قيود إلى النازحين العالقين وسط الحرب والمحاصرين في قطاع غزة.
فهذا التعهد الرئاسي، يمكن ألا يتحقق إذا قامت إسرائيل بمنعه من الذهاب لغزة، لأن نتنياهو وعصابته غير مكترثين بالأمم المتحدة ولا بأي كائن، فحرب غزة كشفت لنا جميعا أن العالم يدار من قبل دولة الاحتلال فقط، وأن فرصة الرئيس عباس لزيارة غزة إن تمت ستكون تاريخية ولها معان كثيرة ليكون مع شعبه في خندق الحرب وكما قال وذكر أن هدف إسرائيل الحقيقي من حرب الإبادة في غزة والضفة الغربية والقدس اجتثاث الوجود الفلسطيني، والتهجير القسري للفلسطينيين من جديد، وهو ما لن يكون أبدا مهما فعلوا ومهما حاولوا.
ومهما طال الزمان، ستبقى غزة جزءا أصيلا من الدولة الفلسطينية الموحدة، ولن يستسلم أبناؤها مهما عظمت التضحيات، رغم كل الاعتبارات النفعية التي أصبحت تتحكم في الأزمات والحروب الحالية في المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الدور المخزي للولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية في دعم الدولة الصهيونية، وتوفير الحماية والمساندة.
فمنذ أشهر والشرقُ الأوسط يتأرجح، والدفاع عن الحرم القدسي لا يقتصر على الفلسطينيين وحدهم، والجامعة العربية من موقع مسؤولياتها، باعتبارها قبلة كل العرب، لا تتوقف عن إدانة هذه الأعمال الجبانة، واستنكارها بأشد العبارات، بل عليها التحرك وقيادة السفينة لوقف الحرب وإصدار قرارات جوهرية قوية، وبذلك تكون قد طبقت أهداف وجودها، وأوجدت لنفسها مكانة عالمية وتأثيرا فعليا من خلال تأييد عباس في زيارته لغزة.. والله من وراء القصد.

كاتب ومحلل سياسي عماني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .