أجرى الوالد الكاتب والأديب محمد الماجد رحمه الله لقاءً صحافيًّا مع الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري، عندما ترأس وفد أسرة الأدباء والكتاب إلى مؤتمر الأدباء والكتاب العرب في دمشق عام 1971، ونشر اللقاء في جريدة “الأضواء” بعد عودة الوفد إلى البحرين، وسينشر اللقاء كاملًا في كتاب “محمد الماجد.. القلم المتوحش الأليف” من إعدادنا وتحريرنا، وتكفلت أسرة الأدباء بطباعته.
الكلمة الشعرية خلّدت أناسًا كثيرين في التاريخ، وكانت أيضًا سلاحًا يحمله أولئك الذين يقاتلون من أجل مبادئ آمنوا بها وأحدهم شاعرنا العربي محمد مهدي الجواهري الذي قرأنا له كثيرًا، ووالدنا كان محظوظًا بلقائه والجلوس معه. فهذا الشاعر ترعرع في أحضان المأساة وكان مدرسة لأجيال متعاقبة من الشعراء والأدباء العرب، وأجمل ما في الجواهري رؤيته للشعر، فهو يرى أن ما يتغذى به الشاعر شيء أكبر من الأيديولوجية، إنه التطور العالمي للشعوب في منظور الزمن، لكن هذا يأتي في المرتبة الثانية، ما هو في المرتبة الأولى تكوين الشاعر نفسه أو كيف خلق، الشاعر الملتزم عنده لو لم يكن شاعرًا لقاد عصابة، لأنه ملتزم في مكوناته الأساسية، بمعنى الصبر أمام العسر أو البيئة بأوسع معانيها.
الجواهري كان يرى أن المتنبي شاعر ثوري، ولو لم يصرف هذه الطاقة الضخمة في هذا الشعر العظيم لكان له شأن آخر. قبل أن يتكون الواقع، الشاعر متمرد على من معه، ليس هناك صلح أو مصالحة مع الواقع، بعد هذا تأتي المؤثرات الأخرى، لكن وحدها مهما عظمت لا يمكن أن تجعل منه شاعرًا ثوريًّا ما لم يكن له مزاج الثوري وتكوينه الأساسي.
* كاتب بحريني