تُعد إدارة الأصول الحكومية، الثابتة والمنقولة، إحدى الركائز الأساسية التي تقوم عليها كفاءة العمل الحكومي وشفافيته في مملكة البحرين، فقد شهدنا في السنوات الأخيرة اهتمامًا ودعمًا لتطوير هذا المجال، وذلك من خلال التقنيات الحديثة والرؤية الطموحة التي تنعكس من خلال التزام الحكومة الموقرة بالتحسين المستمر، وهذا ما أظهره تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية السنوي 2022 - 2023م، الذي أكد تنفيذ التوصيات الصادرة في التقرير الخاص بعامي 2021 - 2022 بنسبة بلغت 83 %، وهو مؤشر إيجابي على استجابة الجهات الحكومية للملاحظات الرقابية، والتي سعت لمعالجة العديد من الملاحظات وتصحيح الإجراءات المتبعة، بالإضافة إلى تحويل ملاحظات ذات شبهة جنائية للتحقيق وصدور أحكام بحق بعض المتورطين بتلك التجاوزات، واللافت انخفاض نسبة كبيرة من هذه الملاحظات مقارنة بالتقارير السابقة، ما يعكس تحسنًا ملحوظًا في آليات الرقابة الإدارية والمالية.
وقد أثمرت التوجيهات الصادرة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في التعامل بمنهجية جديدة وبشكل فوري مع الملاحظات الصادرة في التقرير الرقابي على الجهات الحكومية، والتي جاءت لتؤكد التزام الحكومة الموقرة بالشفافية والتعامل بحزم مع أية تجاوزات غير مسؤولة، وضرورة الاستفادة القصوى من الموارد العامة، بما يتماشى مع رؤية البحرين الاقتصادية الشاملة. وبالنسبة للتحول الرقمي واستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي وهو ما أراه مستقبلًا واعدًا لإدارة الأصول الثابتة والمنقولة، حيث لم يعد الاعتماد على الأساليب التقليدية في إدارة الأصول كافيًا في ظل التطورات التقنية المتسارعة التي يشهدها العالم.
خصوصًا بالتجارب الناجحة في الدول الأخرى مثل كندا وألمانيا، والتي قطعت أشواطًا كبيرة في إدارة أنظمة الأصول، والمدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي تتميز بقدرتها على تتبع الأصول بدقة والتنبؤ بالأعطال، وتحليل البيانات لتحسين استخدامها، حيث أثبتت هذه الأنظمة فعاليتها في خفض التكاليف وتعزيز الرقابة المالية، والتي يمكننا الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة المطبقة المستخدمة للتقنيات الحديثة والذكية.
وتُعد تقنيات الذكاء الاصطناعي في مملكة البحرين خيارًا واعدًا لتعزيز أنظمة إدارة الأصول الحكومية، حيث يمكن لهذه التقنيات تحسين آليات الجرد والتسجيل وتقديم رؤى تنبؤية تسهم في تقليل المخاطر المالية والإدارية والاستفادة مما يعزّز موقع المملكة بين الدول المتقدمة، ولتطبيقها التقنيات الحديثة في إدارة أصولها، وهو ما يتطلب وجود منظومة عمل مركزية متطورة ومرتبطة بنظام إلكتروني موحد ومعتمد يعمل على حفظ الأصول في سجلات موحدة ومتابعة تحركاتها ومدى التزام الجهات المستفيدة من صيانتها وإدارتها وتخزينها، كما يجب إلزام جميع الإدارات والهيئات الحكومية بذلك لتطوير هذه المنظومة والسعي لتفادي حصول أي تقصير من هذه الإدارات، والذي سيكون دافعًا لتوثيق جميع عمليات الشراء المباشر وكذلك عبر المناقصات الحكومية وترقيم جميع الأصول الناتجة عن هذه العمليات لضمان الرقابة على جميع الأصول الحكومية الثابتة والمنقولة الملموسة وغير الملموسة، ما يضمن الكفاءة والشفافية في إدارة الأصول الحكومية.
ختامًا، تمثل التحسينات المستمرة في إدارة الأصول الحكومية في البحرين خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية اقتصادية مستدامة من خلال تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيق أفضل الممارسات العالمية الهادفة لتعزيز الكفاءة والشفافية بما يخدم المصلحة العامة ويعزّز مكانة المملكة في المؤشرات العالمية للحوكمة.
كاتب بحريني