تُعدُّ الحدائق العامة من أبرز المرافق التي تُعزز جودة الحياة وتوفر متنفسًا طبيعيًّا للسكان في المملكة، ومع التوسع العمراني والنمو السكاني ازدادت أهمية هذه المساحات كأماكن تجمع تُلبي احتياجات الأفراد والعائلات للترفيه والاسترخاء، لذلك تُعتبر المحافظة على نظافتها وصيانتها مسؤولية مشتركة بين الجهات المختصة والمواطنين. وتتيح الحدائق العامة للأفراد فرصة التمتع بالهواء النقي وممارسة الرياضة في بيئة طبيعية هادئة، ما يُسهم في تحسين الصحة العامة، كما تُسهم الأشجار والنباتات الموجودة في الحدائق في تحسين جودة الهواء وتقليل درجات الحرارة، الأمر الذي يدعم الجهود الوطنية في مكافحة التغير المناخي، إذ تُعد الحدائق مكانًا للتواصل الاجتماعي وتعزيز العلاقات بين الأفراد والمجتمعات.
ولعلّ من أبرز التحديات التي تواجهها هذه المرافق إلقاء القمامة وبقايا الطعام الذي يؤثر سلبًا على جمالية الحدائق ويهدّد سلامة النباتات، وهذه هي الطامة الكبرى بسبب غياب الوعي البيئي والصحي والذوق العام! وعدم وجود نظام متكامل ومستدام لصيانة المرافق مثل المقاعد والممرات يؤدي إلى تدهورها وتقليل جاذبية المكان، ناهيك عن أن بعض الأفراد يقومون بإتلاف الممتلكات العامة أو استخدام الحدائق بطرق تضر ببيئتها الطبيعية، لذا فإنه من الضروري تخصيص ميزانية لصيانة الحدائق وتجديدها بشكل دوري، وتكثيف حملات التوعية بأهمية الحفاظ على نظافة الحدائق، وتوفير صناديق قمامة كافية وتصميمها بطريقة تمنع تشتت النفايات، واحترام القوانين واللوائح الخاصة باستخدام الحدائق. بالإضافة إلى ضرورة تعليم الأطفال أهمية النظافة والمسؤولية تجاه الممتلكات العامة، وتنظيم حملات تطوعية لتنظيف الحدائق وتعزيز روح التعاون بين السكان وزرع هذه الثقافة بين الناس، بل تكون إلزامية على طلبة المدارس الحكومية والخاصة.
لقد جفّ قلمي وقلم الكثير من الكتاب والصحافيين ورواد المنصات الإعلامية ومدوّني حسابات التواصل الاجتماعي وغيرهم وهم ينقلون عن الحالات والأوضاع التي وصلت إليها بعض الحدائق العامة، حيث شاءت الصدف أن أتجوّل في دوحة عراد قبل عدة أيام، وقد فوجئت بل انصدمت من الوضع الذي وصلت إليه “دوحة عراد”! لم أكن أتصور أمر هذه الحديقة التي تعتبر من أكبر الحدائق في المملكة وكذلك موقعها الاستراتيجي، حيث تقع عند مطار البحرين الدولي.
بودّي هنا أن أسلّط الضوء على عدد من الملاحظات، دورات المياه في حالة يرثى لها، فالنظافة والصيانة معدومة! كما أن بعض اللوحات الإرشادية كانت حالتها صعبة للغاية، ولا تكاد تقرأ شيئًا بسبب محو ما كتب عليها! كما أن الكثير من المرافق التي كانت موجودة وتؤجر أصبحت مهجورة! والأدهى من ذلك اللوحات الإرشادية التي تمنع دخول الكلاب (أعزكم الله) في الحديقة! وبصراحة شديدة لا أفهم هذا القرار بحق من يملك كلبًا وأراد أن يصطحبه معه مثل ما هو متبع في كل دول العالم شريطة أن يكون الكلب مربوطًا.
نعلم أن هناك الكثير من المواطنين والمقيمين لا يحافظون على نظافة وصيانة الحديقة، لكن هذا لا يعني أن نضع اللوم فقط على مرتادي هذه الحديقة!
قال تعالى “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة”.
الخلاصة.. المحافظة على نظافة وصيانة الحدائق العامة في المملكة مسؤولية تقع على عاتق الجميع. فهي ليست فقط مساحات خضراء، بل هي جزء أساس من رؤية المملكة 2030 الهادفة إلى تحسين جودة الحياة وتحقيق التنمية المستدامة. لذا، يتوجّب علينا جميعًا التعاون لضمان بقاء هذه الحدائق جميلة ومهيأة لخدمة الأجيال الحالية والمستقبلية. والله من وراء القصد.
كاتب وإعلامي بحريني