العدد 5930
الأربعاء 08 يناير 2025
فقط للتاريخ.. “إنتو كفو”
الأربعاء 08 يناير 2025

 في لحظة سطّر فيها التاريخ بأحرف من ذهب، توّج المنتخب البحريني ببطولة كأس الخليج 26، ليُعيد إلى الأذهان قيمة العمل الجاد والإصرار والتخطيط والعمل بروح الفريق الواحد. هذا الإنجاز لم يكن مجرد لقب رياضي، بل هو انتصار للأحلام والطموحات التي تحققت بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها اللاعبون والجهاز الفني والإداري. لطالما كانت كرة القدم في البحرين أكثر من مجرد لعبة، فهي شغف يجمع القلوب ويوحّد الجماهير تحت راية الوطن. وفي هذه البطولة، أثبت المنتخب البحريني أنه قادر على تحقيق المستحيل من خلال أدائه المشرّف والروح القتالية والرياضية التي أظهرها في جميع المباريات.
 هذا الفوز لا يقتصر أثره على الرياضة فحسب، بل يعزّز مكانة المملكة على الساحة الإقليمية ويدعم الروح الوطنية بين جميع فئات الشعب البحريني. ولا شك أنه إنجاز يدعو إلى الفخر والاعتزاز، ورسالة إلى الأجيال القادمة بأن الجهد والإيمان والثقة بالقدرات الوطنية أمور تثمر دائمًا نتائج وإنجازات واعدة. صراحة لا أعرف كيف أصف شعوري وأنا أكتب هذا المقال، فقد بذلت قصارى جهدي كغيري من البحرينيين من أجل الحصول على تذكرة دخول للمباراة النهائية، ولا أريد أن أتكلم هنا عن التضحيات الكبيرة التي بذلها الجمهور البحريني من كل الفئات العمرية ومن الجنسين للظفر بتذكرة المباراة. ولله الحمد كنت من أصحاب الحظ السعيد الذين حصلوا على التذكرة في الرمق الأخير، ولا أريد أن أصف معاناة هذا الجمهور الكبير من أجل الوصول إلى الكويت الشقيقة وتحملهم مشقة السفر، حيث استغرقت الرحلة عند البعض 12 ساعة، وأترك لكم الحكم على حجم المعاناة خلال الرحلة. بصراحة سطر الجمهور البحريني أروع صور التلاحم والولاء والانتماء والحب والاحترام والتضحية، وأروع الأمثلة في حب الوطن الغالي. 


 وإحقاقًا للحق فإن هذا الجمهور يستحق أن ترفع له القبّعة، فقد شاهدتهم بأم عيني في استاد جابر الأحمد الدولي وهم يساندون ويشجعون الفريق، الصغير قبل الكبير، ومن الجنسين. نعم... هذه هي صفات ومعدن البحرينيين، ولا شك أن شهادتي مجروحة هنا، وعلى الرغم من إمكانياتهم المتواضعة إلا أنهم آثروا إلا أن يكونوا في هذا المحفل لمساندة اللاعبين، فهم يعتبرون مثالًا يحتذى وأفضل جنود لهذا الوطن الغالي.
المشجعون برزوا خلال دورة الخليج العربي في الكويت كعنصر فاعل لا يمكن تجاهله، حيث تجسّدوا في دور “اللاعب رقم 12” بكل جدارة، وقدموا نموذجًا يُحتذى به في التعاون والاحترام، والأخلاق والقيم. فلم يكونوا مجبرين على الذهاب إلى الكويت رغم علمهم بالساعات الطويلة التي سيقضونها في الطريق ذهابًا وإيابًا، برًّا وجوًّا، إلا أنهم ومن واعز حبهم وعشقهم لتراب هذه الأرض الغالية أبوا إلا أن يلبوا نداء الوطن.
لا أنسى بالطبع أن أشيد باحترافية الجهاز الفني والإداري، وكذلك كل الجنود المسؤولين في اتحاد كرة القدم الذين يعملون دون كلل أو ملل لترجمة تطلعات القيادة الرشيدة لتحقيق أهدافها المنشودة.
 فقط تخيّلوا معي لو لم يفز الفريق البحريني باللقب! لكم أن تتخيّلوا كيف يكون شعور الجماهير العريضة التي حضرت المباراة، والذين تجاوز عددهم 20 ألف مشجع، كنت أراقب وأنا في قلب الحدث شعور الإحباط الذي أصاب الجمهور في الشوط الأول وحتى الدقيقة السبعين من الشوط الثاني، وللأمانة فأنا من الأشخاص الذين فقدوا الأمل في العودة إلى المباراة وتحقيق الفوز.
ولابد هنا أن أشيد بجهود اللجنة المنظمة للبطولة، وشعب الكويت الكريم، وكذلك الجماهير العمانية الذين تقبلوا النتيجة بروح رياضية عالية، بل قدموا لنا التهاني والتبريكات خلال تواجد الجمهور البحريني في مختلف أنحاء الكويت.
وكما يقولون، ختامه كان مسكًا، فاستقبال سيدي جلالة الملك المعظم لأبنائه اللاعبين فردًا فردًا وفي احتفال مهيب أقيم في الاستاد الوطني كان له طعم آخر، بل كانت مفاجأة كبيرة وسارة للاعبين والجمهور البحريني الذي يقدّر عاليًا هذه اللفتة الأبوية الكريمة من جلالته حفظه الله ورعاه.
 ولا يسعني بهذه المناسبة السعيدة إلا أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى القيادة الرشيدة وشعب البحرين الوفي لتحقيق هذا الإنجاز الرائع، متمنّيًا استمرار التقدم والتألق والتأهل إلى كأس العالم بإذن الله. فهنيئًا للبحرين، وهنيئًا لنا جميعًا هذا اللقب الذي يُضاف إلى سجلها الرياضي الحافل بالنجاحات.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية