العدد 5937
الأربعاء 15 يناير 2025
انتقل إلى رحمة الله!
الأربعاء 15 يناير 2025

 قد يتفاجأ القراء بعنوان المقال، فهو لا يعدو إلا الجملة التي تذكرني بالوالدين رحمهما الله، حيث كانا يرددانها أثناء جلوسهما أمام التلفاز لمتابعة نشرة أخبار الساعة الثامنة مساءً في تلفزيون البحرين في السبعينيات، فقد كانا ينتظران هذه الفقرة على أحرّ من الجمر، ويعتبرانها مهمة لقناعتهما الشخصية بأن هذه المعلومة تُعتبر من الأولويات والضروريات للتواصل الاجتماعي بين المواطنين، ولا شك أن هذه القناعة الراسخة تُعتبر بمثابة دليل على وجود علاقة وثيقة ومتأصلة بين أفراد المجتمع البحريني، وتُعتبر جانبًا مهمًّا في تربية الأبناء على هذه العادة الحميدة التي تجعل منها قدوة حسنة للأجيال القادمة.
 وكما يعلم الجميع وبسبب عدم وجود وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات المتوفرة حاليًّا التي لا تُعد ولا تُحصى، فإن التبليغ عن الوفيات آنذاك كان يتطلب الذهاب شخصيًّا إلى مجمع وزارة الإعلام وإثبات الهوية حسب الإجراءات الروتينية المتبعة. أما الآن وبحكم التطور التكنولوجي في الاتصالات الحديثة وتوافر التقنيات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي فإن الأمور تغيرت كثيرًا، بل أصبحنا لا نستطيع مواكبة تلك التطورات المتسارعة وبشكل مخيف. وعلى سبيل المثال، بادر أشخاص من الطائفتين (جزاهم الله خيرًا) إلى إطلاق منصة إلكترونية للتبليغ عن الوفيات من خلال الإنستغرام، والتي ساهمت بشكل كبير في الوصول السريع إلى الناس. ولابد هنا من توجيه الشكر والتقدير لهم على هذه المبادرة لأنها تسهم في التخفيف على أهل المتوفى بشكل كبير.
 ويُسهم في توحيد النسيج الاجتماعي للمجتمع البحريني في هذه المناسبات من خلال لقائهم بالناس الذين أصبحوا عملة نادرة بسبب مشاغل الحياة اليومية، وأصبحت مناسبات الأفراح والأتراح فرصة ذهبية لجميع أفراد المجتمع البحريني.
وإن كان لي اقتراح في هذا الموضوع، فإنني أرى بأنه يجب توحيد هذا العمل من خلال جهة حكومية رسمية كالسابق، ففي اعتقادي الشخصي مركز الاتصال الوطني الجهة المسؤولة والأنسب التي يجب توكيل هذه الخدمة لها، فتوحيد إعلان الوفيات من الطائفتين من خلال مركز الاتصال الوطني يمثل خطوة إيجابية نحو تعزيز الوحدة الوطنية وتقوية النسيج الاجتماعي في المجتمع.
 فمن خلال إنشاء منصة موحدة، يصبح من السهل على الجميع الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالوفيات بطريقة منظمة، ما يُساهم في تقليل أية حساسيات أو سوء تفاهم يمكن أن ينشأ نتيجة تباين آليات الإعلان، كما أن ذلك يعكس روح التعاون والانسجام بين مختلف أطياف المجتمع، ويؤكد أهمية التعامل مع قضايا الحياة والموت بروح المسؤولية والاحترام.
يمكن لمركز الاتصال الوطني توفير قناة موحدة وسريعة للحصول على معلومات دقيقة وموثوقة، ما يُسهل على العائلات إبلاغ المجتمع بوفاة أحد أفرادها، كما أنها تُسهم في تقليل الجهود المكررة والارتباك الناتج عن اختلاف طرق الإعلان، ما يُسهم في تقديم خدمة أكثر احترافية وتنظيمًا.
 لذا، فإنه من الضروري توعية الجمهور بأهمية هذه الخدمة وفوائدها من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وتوفير تطبيق إلكتروني يُسهل على المواطنين تقديم الطلبات أو الإعلانات بشكل مباشر. بالإضافة إلى إشراك قادة المجتمع من مختلف الطوائف لتعزيز الثقة في المنصة الجديدة.
الخلاصة.. هذه المبادرة ليست مجرد إجراء تنظيمي، بل هي رسالة تحمل معاني العدل والاحترام والمساواة لكل مكونات المجتمع، وعندما نواجه هذه القضايا بروح من التعاون والإنسانية، لا شك أننا سنؤسس أُسسًا قوية لمجتمع مترابط ومزدهر وراق. والله من وراء القصد.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .