العدد 5944
الأربعاء 22 يناير 2025
تأثير التسويق الشفهي
الأربعاء 22 يناير 2025

يُعتبر التسويق الشفهي أو “Word of Mouth” من أقدم وأقوى أشكال التسويق، حيث يعتمد على توصيات وتجارب الأفراد الشخصية لنقل الرسائل إلى الآخرين، ومع تطور التكنولوجيا وظهور وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه الظاهرة أكثر تأثيرًا وانتشارًا، إذ لم تعد محصورة في المحادثات التقليدية بل أصبحت جزءًا من العالم الرقمي، فوسائل التواصل الاجتماعي جعلت من “Word of Mouth” أداة تسويقية قوية بفضل الوصول السريع والواسع، فعندما يشارك شخص تجربة إيجابية (أو سلبية) عن منتج أو خدمة على منصة مثل إنستغرام، فإن هذه الرسالة يمكن أن تصل إلى آلاف أو حتى ملايين الأشخاص في وقت قصير، كما أن المستخدمين يميلون إلى الوثوق بتجارب الآخرين، خصوصًا إذا كانوا من الأصدقاء أو المؤثرين الذين يتابعونهم ويثقون بآرائهم، كما يمكن أن تنتشر التوصيات أو الشكاوى بسرعة فائقة عندما يتم التفاعل معها بشكل كبير عبر الإعجابات أو التعليقات أو المشاركات.
إن تأثير “Word of Mouth” على سمعة الشركة ومنتجاتها يُسهم في تعزيز السمعة؛ فالتوصيات الإيجابية من العملاء الحاليين تُسهم في بناء سمعة قوية للشركة وتجذب عملاء جددا، وتدفع المستهلكين لتجربة المنتجات أو الخدمات، ما يزيد من الطلب والمبيعات، فالتفاعل الحقيقي والصادق بين العملاء يُعزز ثقة المستهلكين بالعلامة التجارية، وفي المقابل، يمكن أن تؤدي التجارب السلبية إلى إلحاق ضرر كبير بسمعة الشركة وانتشار الشكاوى، لذا من الضروري مراقبة التعليقات والتغريدات وردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي لفهم احتياجات العملاء.

والرد السريع على شكاوى العملاء أو استفساراتهم سيُعزز الثقة ويُظهر التزام الشركة بخدمة العملاء. وكما تعلمون، فإن الشراكة مع المؤثرين الذين لديهم جمهور واسع يمكن أن ترفع قيمة الشركة ومنتجاتها عبر توصياتهم الشخصية.
ما جعلني أكتب هذا المقال هو الفيديو الذي تلقيته عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن أحد المسافرين الأميركيين، والذي كان من المطربين هناك، هذا المسافر تعرضت قيثارته التي تبلغ قيمتها 3500 دولار للكسر عند نقل العفش من الطائرة إلى حزام استلام الحقائب.
المسافر قام بالإبلاغ عن الأمر، ولكن المسؤولين عن خطوط الطيران طلبوا منه أن يقوم بذلك في اليوم التالي. ونظرًا لأن هذا المغني كان مرتبطًا بحفل موسيقي، فقد قام بتصليح القيثارة وكلفه ذلك 1500 دولار. هذا المغني المغلوب على أمره قام بالتواصل مع شركة الطيران لأكثر من 8 شهور، لكن دون جدوى.
أخيرًا، جاءته فكرة للانتقام من الشركة الناقلة هذه، حيث قام وزملاؤه بالغناء عنها وبكلمات مؤثرة تتكلم عن قصته التي حصلت له وتسخر من الشركة.
وانتشرت الأغنية بشكل كبير، إذ بلغ عدد متابعيه مليونا في الشهر الأول إلى أن وصلوا إلى 23 مليونًا. هذه الشركة سيئة الصيت حاولت أن تقوم بتعويض هذا المسافر الذي رفض كل العروض التي اقترحوها عليه، والنتيجة أن الكثير من الأميركيين شنوا حملة مقاطعة عليها! ناهيك عن أن قيمة السهم السوقي انخفض بنسبة 10 %.
الخلاصة.. إن التسويق الشفهي أداة فعالة ومؤثرة جدًا عندما يتم استغلالها بشكل صحيح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فهو لا يُعزز فقط سمعة الشركة ومنتجاتها، بل يُساعدها على بناء علاقات قوية مع عملائها. ومع ذلك، فإن الإدارة السريعة والحكيمة للتعليقات السلبية تظل مفتاحًا للحفاظ على سمعة الشركة.
هذه التجربة تؤكد لنا أهمية إعطاء العميل حقه من الاهتمام والاحترام، ليس ماديًا فحسب، بل معنويًا، حيث إن الكثير من المؤسسات، مع الأسف الشديد، تفتقد إلى فنون وأصول وتقنيات التعامل مع العملاء.
في بداية القرن العشرين، كان رجل الأعمال الأميركي، البريطاني الأصل، هاري جوردن سيلفريدج، مؤسس مجموعة “سلفريدج” للبيع بالتجزئة، يقول “العميل دائمًا على حق”.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية