هناك فرق كبير بين الناقد المتخصص صاحب النظرة الثقافية العميقة الواسعة التي تتناول كل شيء، وبين الناقد الصحافي الذي يغلب على نشاطه التعميم والإطلاق، وهذه حقيقة لابد أن نعترف بها كمشتغلين في الصحافة وتحديدًا في الصفحات الثقافية والفنية، فنحن نصنّف في خانة النقد الصحافي، والذي مهما بلغت ذروة جودته وتحليله للعمل، إلا أنه سيبقى معلقًا ومختزلًا على خريطة النقد، ومع ذلك فالناقد الصحافي يجتهد في التعرف على العمل الفني بهدف إعطاء فكرة صحيحة للمتلقي.
والناقد الصحافي يجد نفسه مرغمًا على قراءة عدة كتب جديدة خلال أسبوع، وعلى أن يختار منها واحدًا أو اثنين ويقدمهما لقراء الملاحق الثقافية، متحدثًا عن قيمتهما، محاولًا، بلا شك، أن يربطهما بالتيار الأدبي عمومًا، لكن ذلك يحتاج دومًا إلى عين تستبصر في لحظة واحدة أبعاد الزمن الثلاثة، ونادرًا ما يملك الناقد الصحافي مثل هذه العين. إن المقال النقدي في الصحيفة اليومية أشبه بضربات سريعة أولى لرسام تحاول أن تعطي في مجموعها ملامح أولية لشيء ما، دون أن تبلغ مستوى القطعة الفنية بعد، ونادرًا ما استطاع ناقد صحافي ملاحق من القارئ التفرغ لدراسة ظاهرة، إنما مجموعة أعماله الصحافية هذه تشكل في النهاية صورة متكاملة، بيد أنها لا تتجاوز العموميات، لعصر أدبي أو جيل أدبي ما يمكن اعتمادها كوثيقة أو دليل للنقد الأدبي الجامعي.
نكتب عن السينما، والشعر، والفنون التشكيلية والموسيقى، والمسرح، لكن في النهاية الأمر بسيط وواضح، نحن صحافيون بكل معاني التعميم والإطلاق، نقول رأينا وكلمتنا وربما نثير الأسئلة.
* كاتب بحريني