قال الشاعر بيرم التونسي كلمته المشهورة “يا أهل الفن دماغنا وجعنا دقيقة سكوت من فضلكم”. بعد أيام قليلة ستدخل الفضائيات الخليجية سباقًا محمومًا لعرض المسلسلات التجارية التقليدية الضعيفة والبعيدة عن الواقع، حيث يأتي معظمها بفكر وافد على مجتمعنا وثقافتنا، بل وتقدم السقيم من الذوق والهابط جماليا. مسلسلات تفسد العقول بحواراتها المبتذلة والثرثرة والسخرية، وظاهرة العري تقودها مجموعة من المتطفلين على الدراما والفن إلا من رحم ربي، وكنا قد طالبنا من قبل بضرورة الوقوف والتصدي بحزم لمثل هذه الأعمال “السلعة” من قبل الرقابة ووضعها تحت التقييم والمعايير التي ترتقي بالذوق العام، فإن كانت أعمالًا تحمل رسالة هادفة ومفيدة للمجتمع، فأهلًا وسهلًا، وأما إن كانت أداة مدمرة للقيم الأخلاقية – مثل أحد الأعمال التي عرضت في رمضان الماضي – فيجب أن تمنع لأنها أعمال وصلت إلى المناطق المحظورة بكل المعايير.
 في الفترة الأخيرة تزايد بالمشاهدين الضيق والتبرم من بعض المسلسلات الخليجية التي تعرض في شهر رمضان وأسماء غريبة ودخيلة تصعد إلى الشاشة، واستذكروا تلك الأيام الجميلة التي كانوا يشاهدون فيها الأعمال الدرامية والكوميدية الهادفة والأعمال الفنية الناجحة، ويأخذهم شوق جارف وحنين إلى الشاشة النظيفة والفن النقي، لأن المسلسل الصادق المعبر والجاد يفرض الاحترام لهذه المهنة الخلاقة ويشيع حالة احترام الذات للفنان، ويؤكد أهمية الانضباط الفني والصدق في طرح القضايا، وأنا لست متحاملًا على المسلسلات الخليجية، لكنني أدعوها أن تعود إلى طبيعتها في احترام نفسها واحترام الكلمة والحوار والقصة التي تقدمها، لأنها لو فقدت هذا فإنها تفقد بالتالي احترام الجمهور الذي يشاهدها.