سأحصل على الوحدة السكنية بعد عشر سنوات، أو عشرين أو ثلاثين، إلى نهاية الطريق، وعليّ أن أقطع كل هذه الأيام بصبر رغم أن هذا الصبر فوق التصور وفوق التحمل. هذا هو حال المواطن الذي مضت عليه فترة طويلة جدًّا وهو ينتظر بيت الإسكان، ولا نبالغ إذا قلنا إن بعضهم وصل إلى مرحلة متقدمة من العمر، فالحياة تسير بسرعة جنونية، بالأمس أطفال يلعبون فوق الرمال ويبكون ويضحكون، واليوم رجال ينظرون في يأس خانق إلى حالهم وعجزهم.
نشرت “البلاد” قبل أيام قصة مواطن يعيش الألم والصبر الطويل بسبب طلب حصوله على وحدة سكنية لأكثر من 20 سنة، والطلب مازال “قائمًا” دون أية تحديثات، رغم الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها، فهو يسكن في شقة صغيرة لا تلبي احتياجات أسرته، وابنه يضطر للنوم في الصالة بين المطبخ والحمام بسبب ضيق المساحة.
ككاتب وصحافي خضت تجارب عديدة في الكتابة عن مشاكل المواطنين والإسكان، لكن هناك حالات لها خصائص معينة تحدث اصطدامًا رهيبًا يملأ المكان، يليه صوت صفير رياح رهيب يقترب.. يدنو تدريجيًّا، وفي الواقع من الصعب معرفة أو بالأحرى التنبؤ مستقبلًا حول مصير مثل هذه الحالات، فسبق أن كتبنا عن طلبات منذ عام 2003، وعن معاناة أسرة تسكن في منزل متهالك وآيل للسقوط منذ العام 2004 بمدينة عيسى، وغيرها من الحالات التي تسير على إيقاع واحد متشابه، انتظار طويل وشوق متحرق لبيت العمر قبل الجنازة والموت والدفن.
بالمناسبة.. يقال إن الملحمة تولد دون تقديم أو تأخير.. قبل عدة أشهر قال لي ابني “محمد” وكأنه يقترب من عالم الحقيقة “عندما أتزوج سأبني لي ملحقًا فوق سطح المنزل”.