العدد 5986
الأربعاء 05 مارس 2025
نوابنا.. اتقوا الله
الأربعاء 05 مارس 2025

 طُرح مؤخرًا مقترح نيابي من أحد أعضاء مجلس النواب الأفاضل يقضي بالسماح لأبناء الوافدين بالالتحاق بالمدارس الحكومية، بسبب ارتفاع الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة! لا شك أن هذا الأمر يستحق التوقف عنده نظرًا لما قد تترتب عليه من آثار سلبية على المنظومة التعليمية والمصلحة الوطنية. هذا المقترح واجه الكثير من الانتقادات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومن رواد المنصات الإخبارية، فهناك من هاجم النائب وأبدى رفضه وشجبه لمثل هذه الاقتراحات التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
 بدايةً، لابد من التأكيد على أن مجلس النواب هو ممثل الشعب، والمسؤول عن سنّ التشريعات والقوانين التي تصب في مصلحة المواطنين أولًا وأخيرًا، فالتعليم بموارده وإمكانياته المحدودة يجب أن يكون مخصصًا لأبناء الوطن الذين هم الأحق بهذه الخدمة، خصوصًا في ظل التحديات التي يواجهها قطاع التعليم، سواء من ناحية الكثافة الطلابية في الفصول أو الحاجة إلى تطوير المناهج والبنية التحتية. القانون الحالي الذي يقصر التعليم الحكومي على البحرينيين، ليس قرارًا اعتباطيًّا، بل يستند إلى رؤية واضحة تضع المواطن في مقدمة الأولويات، فمن غير المنطقي أن نفتح باب المنافسة على المقاعد الدراسية في المدارس الحكومية مع وجود بدائل متاحة للوافدين، سواء في المدارس الخاصة أو من خلال أنظمة الدعم التي تقدمها بعض الشركات لموظفيها الوافدين، ناهيك عن أنه إذا كان وضعه المالي لا يسمح بإدخال أبنائه المدارس الخاصة، فمن الأولى إبقاؤهم في دولهم، على الرغم من أن معظمهم يملكون الكثير من الإمكانيات المادية التي تسمح لهم بذلك. 

 ومن وجهة نظري الشخصية أن بعضهم لا يريد أن ينفق على تعليم أبنائه، بل يريد أن يوفر المال ويرسله إلى بلده على حساب منح أبنائه فرصة الحصول على التعليم.
 كما أن هناك بُعدًا ماليًّا لا يمكن إغفاله، فالمدارس الحكومية تُموَّل من الميزانية العامة التي تتكوّن أساسًا من ضرائب وعوائد الدولة، وهي مخصصة لخدمة المواطنين الذين هم عماد الوطن ومستقبله، فهل من العدل أن نوجّه هذه الموارد لغير البحرينيين بينما لا تزال هناك قضايا ملحة تحتاج إلى حلول داخل المنظومة التعليمية نفسها؟.
لا شك أن الأولوية القصوى يجب أن تكون لتحسين جودة التعليم وتطوير المناهج، ورفع كفاءة المعلمين، وليس إضافة أعباء جديدة على النظام التعليمي من خلال توسيع قاعدة المستفيدين على حساب المواطن البحريني.
لذلك، فإن مثل هذا المقترح، رغم أنه قد يُسوَّق تحت أي غطاء، إلا أنه في جوهره غير منطقي ولا يتماشى مع مبدأ الأولوية الوطنية، ويبقى السؤال الأهم، لماذا لا يتم التركيز على تعزيز جودة التعليم الحكومي لخدمة المواطن أولًا، قبل التفكير في فتحه أمام فئات أخرى؟
من المؤسف حقًّا أن بعض السادة النواب لا يدركون التمييز أو الاختيار الصحيح للاقتراحات التي يجب طرحها تحت قبة البرلمان.
والله من وراء القصد.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية