العدد 5999
الثلاثاء 18 مارس 2025
نحو رحلة التغيير في رمضان
الثلاثاء 18 مارس 2025

 يعد شهر رمضان فرصة ذهبية للتجديد الروحي وإعادة بناء الذات، إذ تتساقط الأعباء الروتينية اليومية، ويتناغم الجسد مع الروح في هدوء وسكون، ما يمنح الإنسان فرصة لاستعادة توازنه الداخلي، وتوجيه اهتمامه إلى تطوير ذاته. هنا، يتداخل الإبداع مع الانضباط ويصبح رمضان ليس فقط فرصة للعبادة، بل أيضًا منصة لإطلاق العنان لقدراتنا الكامنة نحو تحسين الذات.
 في بداية كل رمضان، نلمس في قلوبنا شعورًا غريبًا من الانقطاع عن أشياء اعتدنا عليها، شعورًا يشبه التوقف لإعادة برمجة حياتنا من جديد. ربما يتساءل البعض: كيف للصيام أن يكون وسيلة لتطوير الذات؟ الجواب يكمن في أن رمضان ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو بمثابة توقف مؤقت عن الفوضى اليومية التي تملأ حياتنا، ليمنحنا الفرصة للتأمل في أنفسنا، وتقييم مسارنا في الحياة. لذلك فإن تطوير الذات في رمضان يتطلب وعيًا كاملًا من الفرد بأن هذه الفترة ليست مجرد تكرار للطقوس المعتادة، بل هي مرحلة يمكن خلالها أن يُعيد الإنسان ترتيب أولوياته، ويبدأ بترتيب أفكاره، وعلاقاته، وعاداته، حيث من خلال الصيام نتعلم الصبر والتحكم في النفس، وهذه المهارات أولى خطوات الإبداع الشخصي. ومن أهم ما يجعل رمضان فرصة فريدة لتطوير الذات الانضباط الذي يتحول إلى فنّ من فنون الحياة، حيث يكون الفرد مطالبًا بتنظيم وقته بين العمل والعبادة، والتخطيط لأيامه ليتمكن من تحقيق أكبر قدر من الإنتاجية في العمل والعبادة، وهذا التوازن بين التفرغ للعبادة والإنتاجية الشخصية يمكن أن يُعزّز إبداع الفرد وقدرته على العمل بكفاءة أعلى.

لذلك، فإن التنظيم هو جوهر الانضباط في رمضان، ومن خلاله يتمكن الشخص من جعل وقت العبادة أكثر إثراءً وتوازنًا مع متطلبات الحياة اليومية، كما يتعلم كيف يوازن بين الحياة الروحية والمادية، ويصبح أكثر قدرة على التركيز، ما يعزز إبداعه في جميع مجالات حياته، لذلك فإن الروحانية والإبداع طاقة بلا حدود تساعد على التغيير الداخلي، ومنها تكون نقطة انطلاق نحو تطوير الذات.

كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .