العدد 6016
الجمعة 04 أبريل 2025
في الصميم
الجمعة 04 أبريل 2025

هكذا أفهم التشريع بأنه من سلطة المجالس النيابية، وهكذا أفهم أن نصف مسؤولية هذه المجالس في إصدار القوانين، ونصفها في الرقابة على الأداء، وعندما فحصت بعض الشكاوي التي تصل إلينا كصحافة، وتلك التي تتم مناقشتها في المجالس الرمضانية، والأخرى خلف الكواليس، كانت المرأة وقضاياها الشغل الشاغل في هذا النصيب من الطرح. لكن لماذا المرأة؟ لأن يوم المرأة صادف أول يوم في شهر رمضان المبارك، وهو الأول من مارس، ولأن قضايا تمكينها دائماً ما تتصدر هذه المناسبة السنوية المباركة، ولأن الموضوع المفتوح دائماً هو مساواتها مع الرجل في الأحوال والحقوق الشخصية، خصوصا بعد أن نالت كل حقوقها السياسية.

في مملكة البحرين ومنذ المشروع الإصلاحي الكبير لحضرة صاحب الجلالة مليكنا المعظم حفظه الله ورعاه، ومنذ تأسيس المجلس الأعلى للمرأة برئاسة قرينة جلالته صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة حفظها الله، وخطوات تمكين المرأة البحرينية تمضي على قدم وساق مع حقوقها المكفولة بقوة الدستور وبفعل القانون، وعندما فحصت كغيري تلك الحقوق، وعندما عدت إلى بعض الشكاوي الخاصة بمساواة المرأة بالرجل في الحصول على خدمات الإسكان، ودعم الكهرباء، والبلدية، وعلاوة غلاء المعيشة، ودعم اللحوم، ومختلف أنواع الدعم الأخرى، وجدت أن المرأة بالفعل ليس من حقها الحصول على هذه المنظومة من الرعاية لو كانت متزوجة من أجنبي، عملاً بالقاعدة التي تؤكد أن الإنفاق من مسؤولية الرجل، بحرينيا كان أم غير ذلك.

وهو منطق معقول، لكن من غير المنطقي أن يمنح الحق نفسه للرجل المتزوج من أجنبية وليس للمرأة المتزوجة من أجنبي.

صحيح أن المشرع هنا لم يتجاوز شرع الله، ولم يقصر في إعطاء كل ذي حق حقه، إلا أن تلك الحقوق كان ينبغي على مجلس النواب بأعضائه الموقرين مناقشة أمرها في لجنة الشؤون التشريعية خصوصا، حيث يرتبط به من حصول أبناء البحرينية المتزوجة من غير البحريني على جنسية والدتهم أسوة بعدد من دول المنطقة.

المشرع لم يقل كلمته في هذا الأمر، بل إنه لم يفصل فيه مطلقاً، بل إنه لم يطرحه بصوت مسموع على الحكومة لمناقشته والبت فيه، والوصول إلى صيغة قانونية نهائية بشأنه.

إن العدالة تقضي مساواة جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، وهو أمر لا يخفى على قادتنا الذين يبذلون الغالي والنفيس في سبيل إعطاء كل ذي حق حقه، بل وتحقيق العدل والمساواة بين كل مواطني البلاد على أسس واقعية ووفقا لاعتبارات إنسانية.

إن مملكة التعايش والتسامح لا تفرق بين لون ولون، أو بين جنس وآخر، أو بين عرق وعرق على أي أساس شخصي أو طائفي أو ديني، فالجميع يظللهم هذا الوطن الحبيب بظله، والجميع ينضوون تحت مظلة العدل والرحمة والمساواة، فلا تفرقة ولا استثناء، بشرط أن تمتد مظلة التشريع لتشمل كل من يعيش تحت سماء مملكتنا الحبيبة، هو مطلب على ما أظن، وحق لابد أن يكفله التشريع ربما، لكن إعادة طرح القضية برمتها لابد أن تكون تحت قبة البرلمان، فهو المعني بالأمر أكثر من أي كيان آخر، ربما الجمعيات النسائية، لكن الأكيد أن مجلس النواب لابد أن ينصرف إلى تشريعات تهم الوطن والمواطن، أكثر من أمور هامشية لا تهم الوطن ولا المواطن.

*كاتب بحريني والمستشار الإعلامي للجامعة الأهلية 

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .