يدور بنا العالم وتدور بنا الحياة وما تحمل من حالات وتقلبات قد تعصف بنا بدروس حياتية، وتمر علينا بتجارب قد تكون رياحها عاتية، نتوازن معها مرة وندور معها عدة مرات، هكذا يحصل لمن لا يكتفي بدرس واحد في الحياة، ويعيش في تجربة مستمرة رغبة منه في التعلم ومواصلة العطاء.. إنها معادلة قد لا تكون واضحة حينها لمن لا يتقن مهارة التكيف والتعلم الدائم.
 أعزائي القراء، لقد أبهرتني تلك السيدة التي التقيتها منذ أيام وهي ترافق ابنها الوحيد في حرم الجامعة وأصرت على أن تتعلم مع ابنها وتسعى من أجل معرفة المزيد مهما استجد في عالم المعرفة، وحيث إنها ما زالت تمارس مسؤولياتها في مجال يبدو وكأنه من أصعب المجالات، لكنها وفي خضمّ ما يعصف بها، لم تتوقف، بل تسعى في انتقالها بمرافقة أبنائها على اختلاف مجالاتهم وموقعهم بغية الوقوف في وجه الرياح وتمكينهم من الوصول إلى النقطة التي تساعدهم على الاكتفاء من المعارف والخبرات ليعيشوا في عالم مليء بالتجارب والدروس، حتى يعتادوا طريق النجاح، هكذا وجدتها امرأة رائعة، تجوب الطريق من دولة لأخرى، وكأنها في رحلة تعلم مستمرة فيها من المتعة والمرح والفائدة.. ويا لها من تجربة أقولها لهذه السيدة، علاجية دوائية من الدرجة الأولى.
فعليًّا أرى أن هذا الوضع صحي ومثمر في حالات عدة، لأن الأم هنا تجسّد دور الدرع الواقي أحيانًا، وسفينة النجاة غالبًا عندما تتحسس وجود الحاجة الماسة لها في أية مرحلة من مراحل الحياة، ويا له من فخر وكل الفخر فيمن يمتلك من يهتم ويرعى ويرافق مسيرة التعلم والمعرفة. هذه دعوة للتفكير في حياتنا بشكل مختلف، نتشارك تفاصيلها حتى نشعر بقيمتها.