+A
A-

العاهل: متطلبات الإصلاح تستدعي امتلاك رؤية لسلاسة العملية التنموية

 تفضل عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة فشمل برعايته أمس افتتاح دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الرابع لمجلسي النواب والشورى بحضور رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة وولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة.

ولدى وصول موكب جلالة الملك إلى مركز عيسى الثقافي ترافقه كوكبة من خيالة الشرطة، كان في الاستقبال رئيس مجلس النواب أحمد الملا ورئيس مجلس الشورى علي الصالح.

وعزفت الفرقة الموسيقية السلام الملكي.

ثم توجه جلالة الملك إلى قاعة المؤتمرات الكبرى بمركز عيسى الثقافي.

وبدأ الحفل بتلاوة آي من الذكر الحكيم.

بعد ذلك تفضل جلالة الملك بإلقاء الخطاب السامي هذا نصه:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

الإخوة والأخوات أعضاء المجلس الوطني الموقرون..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعونه تعالى جلت قدرته، نفتتح أعمال دور الانعقاد الختامي للمجلس الوطني في فصله التشريعي الرابع، الذي استطاع بمسؤولية واقتدار أن يكون خير داعم لمسيرة العمل الوطني، بثوابتها الدستورية الراسخة التي أجمع عليها شعبنا الوفي بإرادة حرة غير مسبوقة.. وليسجل بذلك انطلاقة تاريخية هامة، تأسست من خلالها قواعد الدولة المدنية الحديثة القائمة على حكم القانون والمؤسسات، والفصل بين السلطات، وتكريس المشاركة الشعبية في صنع القرار، لتستمر بذلك نهضتنا الوطنية الشاملة والملتزمة بتحقيق رؤية واعدة لا تحيد عن رفعة الوطن ورخاء أبنائه.

الحضور الكريم، إن متطلبات الإصلاح والتطوير في ظل عالمنا المتغير بفرصه وتحدياته، تستدعي امتلاك رؤية واضحة المعالم لضمان سلاسة العملية التنموية. ولقد تمكنت مملكة البحرين على هذا الصعيد من استيعاب تلك المتطلبات، انطلاقاً من مشروعنا الوطني الشامل، الذي انبثقت منه رؤية البحرين الاقتصادية “عشرين/ ثلاثين” ومبادئها المرسخة للعدالة والتنافسية والاستدامة وصولاً إلى الريادة في الأداء والإنجاز.

ولقد سعت الرؤية جاهدة من خلال التوظيف الأمثل للخطط والبرامج على تعزيز أداء مختلف القطاعات التنموية، وتهيئة البيئة الاستثمارية لاستقطاب رؤوس الأموال، واعتماد سياسة واضحة لتنويع مصادر الدخل في الناتج الوطني، دون إغفال لتنمية موارد الأسرة البحرينية التي هي عماد تنميتنا الوطنية.

وهنا نود التأكيد على أن المواطن البحريني سيظل دوماً محور تنميتنا، حيث أثبتت الكفاءة والخبرة البحرينية جدارتها وقدرتها على التفوق والتميز في الأداء في شتى مجالات العمل، الأمر الذي يتطلب من الجهات المعنية الاستمرار في تطوير البرامج الخاصة بتنمية مواردنا البشرية وإعداد القيادات الشابة، لتمكينهم من استثمار الخيارات المناسبة التي تؤهلهم للاندماج في سوق العمل والإسهام في البناء الوطني. ونعتز في هذا السياق بما يحققه أبناء البحرين في المحافل الدولية من إنجازات مشرّفة تجسّد صدق انتمائهم وحبهم لتراب هذه الأرض المباركة، مهد الحضارة ونبع الخير والرخاء.

الحضور الكريم، تباشر حكومتنا الموقرة مشكورة، برئاسة العم العزيز صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، دورها في تحمل مسؤولياتها الوطنية بكل اقتدار وإخلاص لمتابعة تنفيذ سياسات مملكة البحرين التنموية، وفي مقدمتها برنامج عمل الحكومة، الذي استطاع أن يتجاوز نسب الإنجاز المطلوبة، وأن يعمل على رفع كفاءة البرامج والخدمات الداعمة للنمو الاقتصادي وتلك المقدمة للمواطنين، مع التركيز على السياسات التي تعزز دور القطاع الخاص كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي. مشيدين هنا، بنتائج الخطط الإسكانية التي التزمت، وفق توجيهاتنا، بتوزيع أربعين ألف وحدة سكنية للأسر البحرينية وبناء خمس مدن إسكانية جديدة.

وفي إطار ما تتولاه الحكومة الموقرة من مهام لتعزيز القدرة المالية والاقتصادية للبلاد، نوجه باتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق التوازن بين المصروفات والإيرادات العامة، وتنمية الإيرادات النفطية وغير النفطية لتحقيق الاستدامة المالية، وبما يتسق مع سياسات التنويع الاقتصادي في البلاد.

الإخوة والأخوات، لقد استطاعت السلطة التشريعية ضمن ما تمتلكه من صلاحيات تشريعية ورقابية واسعة، وفي إطار التعاون المثمر والبنّاء مع السلطة التنفيذية، أن تكون خير مساند لتطوير منظومة التشريعات الوطنية ورفع كفاءة الخدمات الحكومية. ونود الإشادة هنا بما تم إنجازه من تشريعات متقدمة تنظم قطاعات الاستثمار المالي والتجاري والعقاري، وإقرار الميزانية العامة للدولة ومتابعة أوجه تنفيذها. وقد انعكس ذلك إيجابياً على البيئة الاقتصادية والاستثمارية بشكل ينسجم مع سياسات وخطط المؤسسات المعنية، وعلى رأسها مجلس التنمية الاقتصادية بقيادة الأبن العزيز ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، لتحقق البحرين نتائج متميزة على مستوى الحرية الاقتصادية وفي مجال تطوير قطاع المعلومات والاتصالات.

كما نحيي مبادرات السلطة التشريعية الهادفة إلى رفع مستويات الاستقرار الاجتماعي، ومن بين أهمها قانون الأسرة، والذي جاء في صيغة توافقية وموحدة تنبثق من أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء، وتدعم ما توليه مملكة البحرين من اهتمام كبير بمكانة الأسرة البحرينية بوجه عام وبالمرأة بوجه خاص، والجديرة بالتقدير. وإنه من دواعي فخرنا، أن تتجاوز المرأة البحرينية اليوم مراحل التمكين التقليدية لتصل إلى ما هي عليه من مكانة رفيعة. فهي تمثل نسبة عالية من موظفي الدولة في القطاع الحكومي والقطاع الخاص، ونجد في هذا الإنجاز مفخرة وطنية نعتز بها.

ولتستمر، بعون الله وتوفيقه، عجلة التطوير المدروس والمتأني لسلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية دون توقف، وبما يتناسب مع خصوصية ومتطلبات العمل الوطني.

الحضور الكريم، ستظل مملكة البحرين كما عرفها وطنها العربي، مخلصة لقضاياه، وحامية لأمنه، ومدافعة عن مصالحه. وستُسخِر كافة إمكاناتها العسكرية والأمنية والدبلوماسية لمواجهة أية تدخلات غير مشروعة، ومعالجة أية أزمات تربك استقرار محيطها العربي. وسنواصل، في هذا الشأن، جهودنا الداعمة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، باعتبارها ركيزة أساسية لإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة.

وتؤكد مملكة البحرين على تمسكها بالثوابت الأساسية التي أعلنت عنها الدول الداعية لمحاربة الإرهاب وكشف داعميه ومموليه، ممن يتبنون أجندات سياسية مكشوفة هدفها اختلاق الأزمات وشق الصف وتهديد أمن واستقرار المنطقة. ونود في هذا الإطار، أن نتوجه بالشكر والتقدير لقواتنا الدفاعية والأمنية، على يقظتهم وحنكتهم وصبرهم واخلاصهم وتضحياتهم، لحفظ أمن وسيادة واستقرار مملكتنا الغالية.

ومما لاشك فيه، فإن أمن واستقرار البحرين لهو مرتبط على الدوام بتأهب ويقظة أهلها الكرام للدفاع عن تماسكهم الاجتماعي ولحمتهم الوطنية، القائمة على أسس ومبادئ التعايش والتسامح والتعددية، وهي قيم تشكلت من خلالها ملامح مجتمعنا المدني المتحضر، الذي طالما حمل للعالم رؤيته الخاصة به في الاحترام الديني والتعايش السلمي والتقارب الحضاري، وهو أمر يجعل للبحرين صوتها المسموع ومكانتها الرفيعة على صعيد ترسيخ ونشر السلام وخدمة الإنسانية.

وفي الختام، نكرر شكرنا وتقديرنا لأعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية على ما يتحلون به من مسؤولية وطنية رفيعة تضع مصلحة الوطن والمواطنين على رأس أولوياتها وتجعل من التطوير والتجديد عنواناً لمسيرتنا الوطنية المجيدة، ولنكون جميعاً للعهد والأمانة راعين. والله ولي التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.